السبت الموافق 07 - يونيو - 2025م

“البيان” تكشف وثائق حفر قناه السويس القديمة

“البيان” تكشف وثائق حفر قناه السويس القديمة

كتبت/ساره علاء الدين
تعد قناة السويس القديمه من اهم القنوات البحرية فى العالم ، فهى قناة صناعية ابتكرها وصممها الفراعنة المصريين، واعُيد حفرها وتشغيلها فى العصر الاسلامى زمن امير المؤمنين ثم ردمت مرة اخرى فى زمن الخليفة ابو جعفر المنصور لاسباب سياسية ،إلى أن جاءت الحمله الفرنسيه لاستعمار البلاد وإحياء مشروع البحرين من جديد لضرب المصالح الانجليزية بالهند،وكانت فكرة حفر قناة تربط بين البحر الأحمر و البحر المتوسط هى الفكره الأساسيه لدى الحمله الفرنسيه منذ إستعمارها لمصر من سنه (1798إلى 1801)،و لكن بسبب خطأ في الحسابات الهندسية قرر”لوبير” مهندس الحملة الفرنسية عدم إمكانيه حفر القناه لإرتفاع البحر الأحمر عن البحر المتوسط. .
و ظل هذا الاعتقاد قائم حتي جاءت جماعة السان سيمونيين إلي مصر ( نسبة إلي هنري سان سيمون الفرنسي ) و أعادت دراسة المشروع و أثبتت أن البحرين في مستوي واحد و أنه يمكن شق قناة بينهما .
وقامت جماعة سان سيمون بعرض فكرة إنشاء القناة بالإضافة إلي مشروعات أخري في مصر منها مشروع سد القناطرعلى “محمد على”، ولكنه وافق علي مشروع القناطر ولم يتحمس لمشروع القناة ، و اشترط أن تتفق القوي الأوروبية مع الباب العالي في تركيا علي حقوق وواجبات كل طرف في حال شق هذه القناة.
وكان السبب وراء عدم تحمس”محمد على”لمشروع القناه هو أنه كان يرى أن هذا المشروع سيكون من أكبر المشاريع التنموية التي سيقوم بها في مصر،وبالتالى سيفتح الباب على مصرعيه لتدخل القوي الأجنبية في مصر للسيطرة علي هذا الطريق الذي سيصبح أقصر الطرق البحرية لربط أوروبا بمستعمراتها في آسيا ،بالإضافه إلي معارضة إنجلترا لهذا المشروع ، لأنه سيسهل لبقية الدول الأوروبية مد نفوذها في جنوب شرق آسيا علي حساب النفوذ الإنجليزي هناك ، لذا كان محمد علي يعتمد علي إنجلترا في الوقوف ضد المشروع و عدم إتمامه ،وهذا لا يعنى معارضته للمشروع فى حد ذاته، .
و إنما في منح شركة أجنبية امتياز الحفر و الانتفاع به ، و هو ما عبر عنه القنصل الفرنسي في القاهرة “مسيو بارو”، بقوله إن “محمد علي” لن يرضي أبداً بمنح شركة أجنبية امتياز حفر هذه القناة ،و بالتالي لن يسمح مهما كان الثمن لهذه الشركة بالانتفاع بالقناة .
و أضاف : إن “محمد علي” لديه من الوسائل و الامكانيات اللازمة للقيام بذلك دون اللجوء لرؤوس أموال أجنبية ، و قد يطلب من فرنسا المهندسين اللازمين للقيام بالمشروع ، و لكنهم سيعملون في هذه الحالة لحسابه فقط.
وظل رفض “محمد على” لهذا المشروع وتمسكه بوجهة نظره قائم، إلى أن جاء عهد “محمد سعيد باشا”والذى لم يرفض التدخل الأوروبى بل على العكس وافق على إقتراح “مسيو ديليسيبس” وقام بإصدار فرمان فى 14 يوليو 1854، بمنح شركة قناة السويس العالمية امتياز الحفر و الانتفاع بقناة السويس لمدة 99 عاماً و بشروط مجحفة للجانب المصري.
وبالرغم من رفض إنجلترا الشديد لهذا المشروع إلا أن “سعيد باشا” وديليسيبس” لم يلتفتا لهم،بل قام “مسيو ديليسبس” برفقة المهندسان “لينان دى بلفون بك “و “موجل بك” كبيرا مهندسى الحكومة المصرية بزيارة منطقة برزخ السويس في 10 يناير 1855 لبيان جدوى حفر القناة و أصدر المهندسان تقريرهما في 20 مارس 1855 و الذى أثبت سهولة انشاء قناة تصل بين البحرين. وقام مسيو ديليسبس بتشكيل لجنة هندسية دولية لدراسة تقرير المهندسان و زاروا منطقة برزخ السويس و بورسعيد و صدر تقريرهم في ديسمبر 1855 وأكدوا إمكانية شق القناة و أنه لا خوف من منسوب المياه لأن البحرين متساويين في المنسوب و أنه لا خوف من طمى النيل لأن بورسعيد شاطئها رملى..
وفى 5 يناير 1856 صدرت وثيقتين هما عقد الامتياز الثانى و قانون الشركة الأساسى و كان من أهم بنوده هو قيام الشركة بكافة أعمال الحفر و إنشاء ترعة للمياه العذبة تتفرع عند وصولها إلى بحيرة التمساح شمالاً لبورسعيد و جنوباً للسويس و أن حجم العمالة المصرية أربعة أخماس العمالة الكلية المستخدمة في الحفر.
وخلال الفترة من 5 إلى 30 نوفمبر 1858 تم الاكتتاب في أسهم شركة قناة السويس و بلغ عدد الأسهم المطروحة للاكتتاب 400 ألف سهم بقيمة 500 فرنك للسهم الواحد و تمكن مسيو ديليسبس بعدها من تأسيس الشركة و تكوين مجلس إدارتها،ثم بدأ الحفر في قناة السويس سنة 1859م ، و استمر العمل لمدة عشرة أعوام متصله.
وفي 25 ابريل 1859 أقيم حفل ببورسعيد للبدء بحفر قناة السويس، وضرب ديليسبس بيده المعول إيذاناً ببدء الحفر وكان معه 100 عامل حضروا من دمياط، ثم توقف الحفر بسبب معارضة إنجلترا والآستانة، ثم استكمل في 30 نوفمبر 1859 بعد تدخل الامبراطورة الفرنسية” أوجيني” لدى السلطان العثماني ووصل عدد العمال المصريين إلى 330 عاملا والأجانب 80 عاملا، ثم استغني عن العمال الأجانب لارتفاع أجورهم واختلاف المناخ واختلاف عاداتهم عن المصريين..
وفى أواخر عام 1861 قام الخديوي اسماعيل الذي كان قد خلف عمه سعيد باشا بزيارة مناطق الحفر بجوار بحيرة التمساح و اختار موقع المدينة التي ستنشأ وحملت اسم الإسماعيلية، وطلب بعدها ديليسبس زيادة عدد العمال إلى 25 ألف عامل شهرياً للوفاء باحتياجات الحفر، إلا أن العمال عانوا من المعامله السيئه. وبسبب كثرتهم وعدم توافر رعاية صحية لهم، انتشرت الأوبئة( كالكوليرا والجدري).
وقبل أن ينتهي تشييد القناة، كان أكثر من 125 ألف عامل مصري قد استشهدوا خلال عمليات الحفر التي شارك فيها مليون مصري على مدى عشر سنوات. وانتهى العمل على امتداد 104 أميال – حوالي 163 كيلومترا – بقاع عرضه الأدنى 150 قدما وعمق 33 قدماً. وفي 17 نوفمبر 1869، افتتحت القناة رسميا ودعا الخديوي إسماعيل من أجله ملوك العالم لحضور حفل الافتتاح الذي كان أسطوريا ..
ومع إفتتاح القناه زادت أطماع الغرب حتى إنتهى الأمر بإحتلال بريطانيا لمصر،وبالرغم من محاولات “احمد عرابى”فى ردم القناه لحمايه مصر من الغزو البريطانى،إلا أن تدخل “ديليسبس”جعل هذه المحاولات تبؤ بالفشل،بعدما أكد على استحالة إستخدام القناة في الأغراض الحربية ضد مصر. ومع ذلك احتلت مصر ومر الأسطول البريطاني في القناة.
وفي 29 أكتوبر عام 1888 وقعت اتفاقية القسطنطينية بهدف ضمان حرية جميع الدول في استعمال قناة السويس. وجاء بالمادة الأولى أن تظل القناة بصفة دائمة حرة مفتوحة في زمن السلم والحرب لجميع السفن التجارية والحربية بدون تمييز. وجاء بالمادة الثانية تعهد الدول العظمى بعدم المساس بسلامة القناة ومنشآتها.
وتشير المادتان الثامنة والتاسعة إلى التزام مصر بالقيام بالتدابير الضرورية التي تضمن تنفيذ المعاهدة. ومن البنود الهامة الأخرى، ما جاء في المادة العاشرة، إذ تنص على حق تقييد الملاحة إذا اقتضى ذلك أمن مصر والتي لا تلتزم إلا بإخطار الدول الموقعة على المعاهدة. كما أن المادة الثالثة عشرة تؤكد على عدم المساس بسيادة مصر. وفي عام 1910 حاولت بريطانيا تمديد امتياز قناة السويس أربعين عاماً أخرى تنتهي في عام 2008، وباءت المحاولة بالفشل تحت ضغط الرأي العام المصري. وأغتيل إثر ذلك “بطرس غالي” رئيس وزراء مصر لموقفه المؤيد لبريطانيا في تمديد الامتياز.
وفى عام 1976 تم إغلاق القناه لأكثر من 8 سنوات ، حتى قام الرئيس السادات بإعادة افتتاحها في يونيو 1975، وشهدت القناة بعد ذلك محاولات لتوسيعها بدأت عام 1980 ،وكذلك فكرة تحويلها إلى منطقة خدمات لوجستية، وفي 5 أغسطس 2014 تم تدشين مشروع حفر قناة موازية للمر الملاحي الحالي بطول 72 كم، لتمكين السفن والناقلات من عبور القناة في كلا الاتجاهين في ذات الوقت. وتلافي المشكلات الحالية من توقف قافلة الشمال لمدة تزيد عن 11 ساعة في منطقة البحيرات المرة، وتقليل زمن رحلة عبور القناة بشكل عام، مما يسهم في زيادة الإيرادات الحالية للقناة. على أن ينتهي المشروع خلال عام واحد في 6 أغسطس 2015

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[ad 3]
[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 82055246
تصميم وتطوير