السبت الموافق 24 - مايو - 2025م

موقعة سائق التوكتوك

موقعة سائق التوكتوك

بقلم:ياسر الأمير

 

 

ماذا الذى أصاب المجتمع الذى كان يشتهر بالسكينة والمودة ؟هل تغيرت طباعه وخصاله وإكتسب من تغير المناخ السياسى خصالا لم يكن يعرفها من قبل ؟
فى اﻷيام القليلة الماضية وفى برنامج واحد مع الناس للإعلامى الدكتور عمرو الليثى حدث أن مواطن مصرى يعمل سائقا للتوكتوك إشتكى كما يشتكى باقى الشعب من تردى اﻷحوال المعيشية والمادية ومن نقص الخدمات المقدمة له كمواطن كما إشتكى من عدم إدراك الحكومة بالمعاناة التى يعانيها الناس وأن الفقير زاد فقرا وأصبح الحال يرثى له وأن مصر قد تغير حالها من دولة قوية فى إقتصادها إلى دولة تجود عليها دول الخليج بالمعونات .
وأنتشر الفيديو كأنتشار النار فى الهشيم ذلك أنه عبر عما يدور فى خلد كل مواطن مصرى ودارت رحى معركة على مواقع التواصل بين الغالبية المؤيدة والمعجبة بهذا السائق وبين اﻷقلية المعترضة عليه متهمة إياه بأنه إخوانى الهوى وأن هذا الفيديو مفبرك وتم كتابة سكريبت (نص الحوار )لهذا الشاب وقام بأدائه.
ولهؤلاء اﻷقلية أقول لو صح إدعائكم بأنه قد مثل دوره أمام الكاميرات فإنه بأدائه الذى سلب القلوب يستحق جائزة اﻷوسكار فى اﻹبداع وحسن اﻷداء ﻷنه أدى التمثيلية بأداء الموجوع والمكوى بنار شديدة الحرقة ،وبالتالى فالجمهور هو الحكم على الممثل وقد حكم الملايين بنجاح وعبقرية هذا الشاب.
هل أنتم ياسادة يامعترضين لستم من سكان هذا البلد أم أنكم فقدتم إحساسكم بمعاناة الناس فأعترضتم على من عبر عن هذه المعاناة أم أنكم لثرائكم وغناكم لا تحسون بنقص السلع وزيادة أسعار الخدمات بصورة مبالغ فيها وتدنى المرتبات ومن ثم سولت لكم أنفسكم أن تجروا مقارنة هى عيب وعار عليكم بين الفيديو وصور الشهداء اﻹثنى عشر والذين إستشهدوا فى سيناء منذ أيام ،ياسادة هؤلاء الشهداء رحمهم الله وصبر أهلهم وذويهم إستشهدوا وهم يحاربون اﻹرهاب فى سيناء ،وأيضا كلمة الحق التى نطق بها هذا السائق هى تعبير عن الحرب التى يخوضها المواطن المصرى ضد غلاء المعيشة وجشع التجار وقسوة الدولة وقصر بل وعجز يديها عن القضاء على هذا الجشع بل وزاد الطين بلة أنها تهوى بمطرقة هائلة الحجم على رأس المواطن بقوانين حذر الخبراء منها قبل صدورها بأنها ستلهب اﻷسعار وستحدث أزمات ولكن كعادة الحكومات لدينا دائما ماتصم آذانها عن النصح ولا تسمع إلا صدى صوتها وكأن وزرائها هم عباقرة هذا الوطن دون غيرهم.
هذا المواطن سائق التوكتوك ياسادة جدير باﻹحترام ليس ﻷسلوبه فى كلامه فإنه قد تكلم من قلبه وكانت معاناته هى التى تعبر وتنتقى الكلمات أمام الكاميرا، ولكن ﻷنه أصبح حديث كل الناس رافضيه ومؤيديه وﻷنه كشف عن أننا أصبحنا نجيد فن التصنيف ورمى اﻹتهامات دون دليل ليس لشيئ إلا للتطبيل فقط ،كما كشف لنا عن أنه يعيش بيننا أناس قد تبلد حسهم حتى عميت أعينهم عمن حولهم فأصبحوا لا يرون إلا حياتهم المرفهة وكأن كل الناس تحيا مثلهم ،وأصبح فى نظرهم كل من يشكو ويأن هو مارق وعدو .
وكالعادة تم وقف الفيديو لفترة ولكن أعاده مستخدمى التواصل اﻹجتماعى وأصبح متاحا،كما توقف عرض برنامج واحد من الناس بدعوى أن عمرو الليثى قام بإجازته السنوية وهو مالم ولن يصدقه الناس بعد أن علموا أن قناة on tv قد فسخت تعاقدها مع المذيعة رانيا بدوى بعد حلقة واحدة فقط إنتقدت فيها وزيرة اﻹستثمار وهذا يدل على ما كان يحدث فى ماسبيرو قد إنتقلت عدواه للقنوات الخاصة فلا مكان إلا لمن يصدر الصورة الوردية الزاهية فقط أما من ينطق بالحق وينبه عن اﻷخطاء ويعبر عن أنين الناس فلا مكان له أمام الكاميرات.
متى تعود الشفافية منهاجا ومتى تعود حرية التعبير عن الرأى دون حرب نفسية أو إعلامية أو حتى خوف مما قد تؤول إليه اﻷمور بعد قول كلمة الحق .
اﻷمل فى الله كبير ..ولا نملك سوى اﻹنتظار.

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[ad 3]
[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 81840776
تصميم وتطوير