معوقات و مشاكل المزارعين بعد توريد القمح

تحقيق – مهـآ آحمد

 
القمح محصول استراتيجي وسلاح قوي تستخدمه الدول العظمى ضد الدول النامية
____________________________________________
بشائر استلام 4 ملايين من القمح المحلي بالشرقية
_____________________________

يعتبر القمح من المحاصيل الاستراتيجية بحكم أهميته التي تشكل مصدراً غذائياً لأكثر من 35% من سكان العالم ، كما أنه من أهم المحاصيل التي يعتمد عليها الشعب المصري في إنتاج رغيف الخبز و صناعة المعكرونة ، كما أنه سلاح قوي تستخدمه الدول العظمي للتدخل في السياسات الداخلية والخارجية للدول النامية مستغلين حاجتها .
وعلى الرغم من زيادة إنتاجية الفدان من حبوب القمح ، إلا أنه مازال هناك فجوة كبيرة بين الإنتاج والاستهلاك ، حيث تقوم الدولة باستيراد كميات كبيرة من القمح سنويًا لتوفير رغيف الخبز المدعم ، كما أن نسبة الفقد منه تتجاوز الــ 20% خلال عمليات الحصاد والتداول ، و مخلفاتها المتبقية بعد الحصاد تزيد عن 9 مليون طناً مادة جافة يتم التعامل معها كنفايات بلا قيمة .
أزمة محصول القمح بعد حصاده
____________________
الشرقية رقم “1” في توريد القمح
____________________
استياء المئات من المزارعين و قرار بالامتناع عن زراعة القمح
_______________________________________

و بعد حصاد محصول القمح تواصلت أزمة توريده علي مستوي الجمهورية ، رغم إلغاء قرار وزير التموين بتسليم المحصول بالحيازات ، و شهدت الشون الترابية طوابيراً طويلة للسيارات التي تقف بالساعات أمامها لتوريد القمح ، الأمر الذي أدي إلي استياء المئات من المزارعين والتجار ، بل و أخذ قرار بالامتناع عن زراعة محصول القمح خلال السنوات القادمة بسبب هذه المعاناة .
و لأن الزراعة مشروع استثماري يمثل فيه العنصر البشري أهم عناصره ، و المزارع يحاول أن يحسن من استغلال الموارد النتاحة لديه لتحقيق أعلى عائد بأقل التكاليف ليحقق عائدا لا بأس به .
في إطار ذلك رصدنا أهم المشكلات التي تعرض لها المزارع الشرقاوي هذه الفترة بعد توريد محصول القمح على مستوى محافظة الشرقية ، وبعد عمل استبيان عن الكميات التي تم توريدها للشون ، أخذت محافظة الشرقية الترتيب الأول في توريد القمح بمساحة 414 ألفاً و 402 فدانَا .
و قد كانت الحكومة وافقت على فتح الشون الترابية واستقبال القمح من الموردين فيها بسب التكدس وعدم جاهزية الصوامع والشون المسقوفة والأسمنتية لاستيعاب كل القمح المنتج هذا العام، مما أثار شكاوى الموردين من الفلاحين والتجار .

و بسؤال المزارع “حسن السيد حسن” بقرية “بنايوس” إحدى القرى التابعة لمركز الزقازيق قال : أن التاجر استلم منه كميات القمح على سعر 400 جنيهًا للطن و لم يعطه أي عائد لأنه سلم القمح للشون ولم يأخذ ثمنه حتى الآن .

و قال “سمير عبده عطا” من قرية “بنايوس” أنه سلم القمح للشون بــ”سفيطة” منذ 24/5/2016 بعد وقوفه في طابور طويل من الساعة 2 ليلاً وحتى 5 صباحاً بعد درس القمح في درجات الحرارة المرتفعة ، ولم يتلق ثمنه حتى الآن ، و سلم كمية أخرى يوم 30/4/2016 في شون “بني عباس” بالقنايات و أيضاً لم يستلم ثمنه .

و قال “سعيد عبد الفتاح” أنه سأل في بنك التنمية و الائتمان الزراعي عن ميعاد استلام ثمن القمح المورد ، فأجابوه : “سلم البلوه اللي معاك الأول ، وبعدين دور على الفلوس ” و أسرع في تسليم القمح إلى الشون ولكن لم يستلم ثمنه حتى الآن ، و يحتاج إلى العائد ليبدأ في زراعة محاصيل الموسم الجديد .

ويقول “محمود محمد” مزارع من مركز القنايات التابع لمحافظة الشرقية :أنه لم يستطع توريد القمح الخاص به من شدة الزحام و عدم وجود شون كافية و عاد به إلى المنزل مرة أحرى ، و أن التجار الذين يقومون بتوريد كميات كبيرة يدفعون دون عناء .

و نتيجة لذلك ، فقد أغلقت بعض الشون أبوابها بعد استلامها كميات كبيرة من القمح نظرًا لضيق مساحتها .

كما شكا مزارعوا مركز ومدينة “منشأة أبو عمر” وضواحيها بأنه ، تم فتح شونة منشأة أبو عمر التابعة لبنك التنمية الزراعي باستلام القمح من المزارعين ، ولكن لم يستطيعوا توريد محصول القمح بحجة أن الشونة مقرر لها نسبة بسيطة في الاستلام ، ولكنهم رأوا أن الشونة بها اتساع لاستلام القمح أكثر مرتين من المسموح به ، ورغم ذلك رفضوا استلام المحصول ، مما تسبب لهم في أضرار جسيمة ، و قد استغاثوا بالمسئولين بالسماح لهم باستقبال المحصول خاصة بعد عذاب وقوفهم بالجرارات الزراعية أمام الشون في حر الصيف بالأيام و الأسابيع .

دور الحملة القومية للنهوض بمحصول القمح
_________________________
في مجال البحوث الزراعية ، قالت الدكتورة “شيرين نبيل” بمركز البحوث الزراعية ” عقدنا اجتماعات الحملة القومية للقمح في جميع مراكز المحافظة ، و قمنا بعمل استبيان عن الحقول الإرشادية لمتابعة عملية توريد القمح و كمياته و كيفية الوصول إلى زيادة الكميات الموردة من الأصناف الجديدة عالية المحصول ، يعد تطبيق التوصيات الفنية الخاصة بتلك الأصناف، والتي تزيد من كفاءتها الإنتاجية و يعد حمايتها من الآفات الضارة ومكافحتها في حينها لضمان سلامة المحصول ، وقد أعلنت وزارة التموين مؤخرًا عن اقتراب مصر من تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح بمعدل 75% هذا العام وأن هناك طفرة في إنتاج محصول القمح هذا العام .
وقد تم التعاون بين مركز البحوث الزراعية وأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا ، على قيام الأكاديمية بتمويل “الحملة القومية للنهوض بمحصول القمح” اعتبارًا من الموسم 2011/2012 بهدف زيادة متوسط إنتاجية الفدان من القمح بمقدار 25% كل ثلاث سنوات حتى تصل بالإنتاج الكلى إلى حوالي أكثر من 10 مليون طناً في السنة .
وتضمنت الحملة القومية لزيادة إنتاج القمح عدة أنشطة منها : تدريب المرشدين الزراعيين والقادة الريفيين قبل زراعة القمح في جميع محافظات الجمهورية ، وعمل ندوات حقلية عن أهمية الزراعة على المصاطب ، و مقاومة الحشائش و الآفات ، وقد أسفرت النتائج الأولية عن تحقيق معدلات عالية في إنتاج القمح .
وانعكست جهود الحملة على حقول المزارعين هذا الموسم حيث لوحظ خلال المرور والزيارات قوة نمو المحصول وزيادة التفريع وتجانس النمو داخل الحقول ، مما يحقق هدف الحملة .
أما عن زراعة القمح في الصحراء فإن هذا ممكن ولكن أكبر المشاكل التي تواجهنا هو عدم توافر المياه الكافية، ولكن إذا توافرت المياه فمن الممكن زراعة مساحات كبيرة من القمح للحد من الاستيراد الخاجي .

دور الوزارة و مديرية الزراعة بالشرقية في حل مشكلة توريد القمح
________________________________________________

وقال المهندس “علاء عفيفي” وكيل وزارة الزراعة بالشرقية ، أنه يقوم بمتابعة حركة توريد محصول القمح بالتنسيق مع الوزارة ، مشيرًا إلي أن مشاكل تكدس الشون سيتم حلها خلال الأيام المقبلة لأنها ناتجة عن تزاحم المزارعين والتجار علي التوريد .

و قال المهندس “محمد عبد الحميد” مدير عام الإرشاد بزراعة الشرقية : أن لايوجد مشكلة فعلية ، ولكن التجار أرادوا أن يوجهوا الفلاح البسيط حتى يأخذون القمح بسعر ضعيف ثم يتم توريده بالسعر المقرر 420 جنيها ، و أن اللواء خالد سعيد محافظ الشرقية ، قد زود الطاقة الاستيعابية للشون 20% للتيسير على المزارعين ، كما أن هناك تعليمات مشددة من المهندس “علاء عفيفي” وكيل وزارة الزراعة لمديري الجمعيات ، بناءاً على التوكيلات الإدارية ، بعمل كشف بأسماء المزراعين بعد الحصر معتمد من الإدارة ، ومرافقتهم حتى التوريد في الشون .
لكن هناك بعض الأزمات المفتعلة من قبل التجار للضغط على المسئولين لتسليم الكميات التى بحوزتهم دون مراجعة. وأشار أن المشكلة التى واجهتنا هذا العام أن الكميات الموردة أكبر من الشون التى تم اعتمادها ، بالإضافة إلى أنه يتم فحص المحصول المورد بشكل دقيق لمنع تسريب أى محصول مخالف أو تالف والذى من شأنه تدمير باقى المحصول، وبالفعل تم استبعاد شحنات مخالفة من بعض الموردين، نظرا لأنه من محصول إنتاج العام الماضى وبه بعض الإصابات التى من الممكن أن تضر باقى المخزون بالشونة.

كما أصدر المهندس شريف اسماعيل رئيس الوزراء ، تعليمات لوزارة المالية ، بصرف مبالغ للفلاحين لفتح الشون الترابية في المحافظات .

دور وزارة التموين و التجارة الداخلية في حل مشكلة توريد القمح
________________________________________________

و أكد “حمدي علام ” رئيس الرقابة والتوزيع بوزارة التموين والتجارة الداخلية وعضو اللجنة العليا لإستلام القمح ، ارتفاع كميات القمح المحلي التي تم إستلامها من المزارعين منذ فتح موسم التوريد الذي بدأ منتصف شهر أبريل الماضي وحتي الآن إلي مليون و790 ألف طن قمح محلي في كافة الشون والصوامع .
وقال “علام” فى بيان له لوزارة التموين ، أن المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء سمح بطحن القمح المحلي لشركة مطاحن مصر والمنتج من منطقة مزارع القوات المسلحة بشرق العوينات ، وذلك بنسبة 70% قمح محلي ، و30% قمح مستورد ، وذلك لتوفير الدقيق للمخابز البلدية المدعمة و البالغ عددها حوالي 26 ألف مخبز ، لإنتاج الخبز المدعم للمواطنين .

دور أعضاء مجلس النواب
_______________

كما أشاد “رائف تمراز” عضو مجلس النواب عن دائرة الحسينية ونقيب الفلاحين بالشرقية بقرار الحكومة بشأن التراجع عن ربط توريد القمح بالحيازة كما كان معمولاً به منذ بداية موسم التوريد 15 أبريل الحالي .
وأن من شأنه تحقيق مصلحة الفلاح ، وتوفير الكثير من الوقت والنفقات، مشيرًا إلى أن القرار السابق بربط توريد القمح بالحيازة كان مضرًا بمستأجري الأراضي الزراعية ، إضافة لمزارعي ثلث مساحة الأراض المزروعة بالقمح على مستوى الجمهورية والذي لم تقنن أوضاع ملكيتهم للأراضي حتى الآن.
وطالب رائف” بتشديد الرقابة التموينية على الصوامع والشون لضبط عمليه استلام القمح المستورد و القمح المصري منعًا للإضرار بالمزارعين وتسهيل سيطرة مافيا القمح على الدعم المقدم للمزارعين، مضيفًا أنه سيتقدم بطلب لوزير التموين بشأن منع استلام أي قمح مستورد إلا بعد الإنتهاء من استلام القمح المصري .

و قال “هشام الشعيني” ، رئيس لجنة الزراعة والري والأمن الغذائي بمجلس النواب ، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي كلف رئيس مجلس الوزراء ، بفتح الشون الترابية بالكامل لجمع محصول القمح ، إضافة إلى أن يكون التوريد للجمعية الزراعية بالقرى بدلاً من البيع للتجار وخلطهم القمح المحلي بالمستورد.
وأضاف” الشعيني” ، خلال تصريحات لـ”غرفة الأخبار” على الـ”سي بي سي إكسترا”، أن الرئيس أمر الحكومة بصرف 3 مليار جنيهاً من مستحقات المزارعين مما ساعد في حل الأزمة بشكل أسرع.
و أن وزارة الزراعة قررت توريد المحصول عن طريق الحيازات الزراعية ، لكن النواب طلبوا تعديل القرار وأن يكون بالحيازة والحصر، لحل مشكلة القمح المورد من الأراضي الصحراوية غير المربوطة.
وذكر أن المجلس عمل على حل مشكلة غلق الشون الترابية، كي تستعد وزارات التموين والزراعة وبنك التنمية لموسم الحصاد في شهر أبريل سنوياً.

الكارت الذكي و إصلاحات جذرية في السياسات الزراعية
_________________________________

و أكد الدكتور عصام فايد وزير الزراعة واستصلاح الأراضى ، أن مصر تستهلك 10.5 مليون طن قمح للخبز فقط، و 4.5 ملايين طن فى الاستخدامات الأخرى ، لافتًا أن مساهمة الزراعة في الدخل القومي تصل إلى 17%.
كما أن الوزارة لديها رؤية لإصلاحات جذرية فى السياسات الزراعية، تشمل 13 برنامجاً، مؤكدًا أن هناك محاولات لتقليل الفجوة في المحاصيل الاستراتيجية. وحول مشكلة “الحيازات”، قال وزير الزراعة في حوار تلفزيوني ، أن الوزارة تسعى لحل مشكلة الحيازات عن طريق “الكارت الذكي” بالتعاون مع عدد من الوزارات ، وأضاف أن المساحة المزروعة من القمح أكثر من 3 مليون فدانا ، وتنتج 9 مليون طناً ، موضحًا أن جودة الأقماح المحلية عالية جدا ، و أن خطة الوزارة هي الوصول إلى اكتفاء ذاتي بنسبة 80% بحلول عام 2030. وتابع وزير الزراعة ، أن مصر لا تمتلك سعة تخزينية لجميع محصول القمح، مؤكدًا أن السعة التخزينية لصوامع وشون القمح ستتضاعف خلال 6 أشهر، كاشفًا عن أنه تم صرف 2 مليار جنيهاً للفلاحين مقابل توريد محصول القمح .

ولكن للأسف لا تزال المشكلة قائمة حتى الآن و المزارع ينتظر حصوله على عائد توريده من محصول القمح .