بقلم الشيخ محمد الفخراني
السلام عليكم ورحمة الله
عندما اصطفي الله سبحانه وتعالى محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولا وعندما صدع محمد بأمر ربه فدعا الناس إلي التوحيد وإلي الإيمان به نبيا ورسولا لم تكن هناك شبهة على “بشرية” محمد بن عبد الله فهو قد نشأ يتيماً في الفرع الهاشمي من قبيلة قريش بمكة وهو قد شب الشباب الطيب المألوف من البشر المستقيمين ثم هو قد رعي الغنم حينا من الدهر ومارس التجارة حينا آخر فليس في حياته هذه ما كان يثير أية شبهة حول “بشريته” أو يلقي عليها الشكوك أو الظلال.
ومع كل هذا فلقد وجدنا القرآن الكريم تجتهد آياته البينات عن لتؤكد “بشرية” محمد وتنفي أن يكون إلا بشرا رسولاً وبشرا يوحي إليه من السماء بالنبأ العظيم.
فلم كان هذا التأكيد والإلحاح علي قضية لم تكن محل خلاف ولا شبهة ولا جدال ؟
لإدراك السر الذي يجيب عن هذا التساؤل لابد من النظر إلي رسالة محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم في سياق ما تقدمها من رسالات نهض بها الرسل الذين سبقوه علي درب اتصال السماء بالبشر لهداياهم إلي الصراط المستقيم وايضا في ضوء كون الرسالة المحمدية هي الرسالة الخاتمة لطور النبوة والرسالة بما يعينه ذلك من بلوغ الإنسانية مرحلة “الرشد” التي تأهلت بها لأن توكل إلي “عقلها الراشد” تهتدي به كلما انحرفت أو ضلت إلي جادة الرسالة الخاتمة دوما حاجة إلى رسول جديد ولقد كان هذا الطور الجديد الذي ارتقت إليه الإنسانية طور “الرشد” هو الذي حدد الطابع الذي تميزت به “معجزة محمد” التي تحدي بها قومه فجاءت لذلك #معجزة عقلية# رغم انها “نقل ووحي” فهي لا تدهش العقل ولا تذهله وإنما هي تنضجه وترشده وتجعله مناط التكليف وتتخذه حكما وحاكما في فقه مراميها واكتناه اسرار إعجازها واستخراج البراهين والأحكام مما ضمت من السور والآيات.
وهي لهذا السبب خالدة خلود الرسالة الخاتمة لأن تأثيرها دائم الفعل والبرهنة فهي ليست سفينة نوح أو ناقة صالح أو عصا موسى أو إبراء عيسى للأكمه والأبرص إلي آخر المعجزات التي أدهشت العقل والتي وقف إدهاشها هذا عند حدود الشهود عندما كانت الإنسانية” تحتاج إلى الوصاية الدائمة من قبل الرسل والأنبياء ولا تؤمن إلا إذا “اندهش عقلها” وهي مراحل كانت عقول الأكثرية فيها تأبي أن تصدق اتصال السماء بالأرض عن طريق “بشر” فكانت تنزع إلي ” رسل – ملائكة “.
نزوعها إلي المعجزات المدهشة للعقول فالذين كذبوا نوحا عليه السلام قد أنكروا واستكبروا جدارة البشر أن يكون رسولاً وكذلك صنع قوم “عاد” مع رسولهم ” هود” عليه السلام أما ثمود الذين أرسل الله إليهم “صالحاً ” عليه السلام فإنهم مع إنكارهم جدارة البشر بالرسالة قد طلبوا “الآية المعجزة ” التي تدهش العقول ولكنهم كذبوه وطلبوا منه معجزة أخري فلما جاءتهم الآية المعجزة “المدهشة للعقول ” وهي الناقة استمروا في تكذيبهم وكفرهم استنكاراً منهم أن يكون بشر رسولاً فقالوا ( أبشرا منا واحداً نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر )
وعلي هذا الدرب سار أصحاب الأيكة الذين كذبوا نبيهم شعيبا عليه السلام قائلين ( وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين ) طالبين المعجزةالمدهشة للعقول ( فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين)
وهكذا ارتبط استنكار بشرية الرسل بمرحلة طفولة العقل البشري وتعلق الناس بما يدهش العقول لا بما يحتكم إلي العقول من الآيات والمعجزات التي جاء بها الرسل الأنبياء تلك هي بعض المقتطفات التي اردت أن واضحها للعالم بأن محمداً النبي بشر يوحي إليه.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاتة
التعليقات