يعيش نظام الملالي في طهران حالة اختناق سياسي واستراتيجي غير مسبوقة، خصوصًا فيما يتعلق بملفّه النووي الذي دخل طريقاً مسدوداً لا مخرج منه. لم تعد هناك إمكانية للاستمرار في المناورة، كما لم يعد قادراً على التقدّم نحو اتفاق جديد دون تقديم تنازلات كبيرة تهزّ شرعية بقائه، في وقت تزداد فيه الضغوط من الداخل والخارج معاً.
ويبدو هذا المأزق واضحًا حتى في التصريحات المتناقضة بين مسؤولي النظام: فبين من يهاجم المفاوضات ويصفها بـ”الاستسلام”، ومن يدعو إلى “واقعية سياسية” لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الاقتصاد المنهار، يظهر حجم التخبط الذي يعيشه النظام في طهران.
الولايات المتحدة والأطراف الأوروبية فقدت الثقة في نوايا النظام، بعدما أثبتت التقارير الدولية أن طهران تواصل تخصيب اليورانيوم بنسبة خطرة رغم التزاماتها السابقة. وفي الوقت نفسه، لم يعد الشارع الإيراني يعبأ بملف الاتفاق النووي، حيث أصبحت مطالب الناس أكثر جذرية وتتمحور حول إسقاط النظام لا تحسين شروط التفاوض.
رجوي في مؤتمر «إيران الحرّة 2025»: المفاوضات النووية لم تعد تنقذ النظام
في هذا السياق المتأزم، جاءت كلمة السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، خلال مؤتمر «إيران الحرّة 2025» في باريس، لتقدّم تشخيصاً دقيقاً للأزمة، وتطرح بديلاً استراتيجياً واضحاً للخروج من النفق المسدود.
قالت رجوي إن مفاوضات النظام مع القوى الكبرى لم تكن يوماً تهدف إلى حلّ الأزمات، بل كانت أداة لشراء الوقت ومواصلة المشروع النووي الذي يخدم أهداف النظام التوسعية، لا التنمية الوطنية. وأضافت أن النظام الإيراني، ورغم كل محاولاته، لم ينجح في انتزاع أي ضمانة لرفع العقوبات أو إعادة شرعيته الدولية، بل ازداد عزلة وخنقاً اقتصادياً.
الداخل يغلي… والمقاومة تتقدّم
رجوي أشارت إلى أن الخطر الحقيقي على النظام لم يعد خارجياً فقط، بل داخلي بالدرجة الأولى. فالإيرانيون يعيشون أوضاعًا مزرية، مع تضخم يفوق 50%، وبطالة واسعة، وغياب الخدمات الأساسية. وهذا ما فجّر سلسلة انتفاضات شعبية متتالية، أبرزها انتفاضة 2022 التي كانت نقطة تحوّل فارقة في مسار الحراك الشعبي.
وأكدت أن هذه الانتفاضات أثبتت أن هناك بديلاً قائماً، ليس في الخيال، بل في الواقع، تقوده المقاومة الإيرانية بتنظيمٍ دقيق، وبرؤية سياسية واضحة لإقامة جمهورية ديمقراطية قائمة على سيادة القانون وفصل الدين عن الدولة والمساواة بين المرأة والرجل.
دعوة إلى الحسم الدولي: الاعتراف بالمقاومة بديلاً شرعياً
في ختام خطابها، دعت السيدة رجوي المجتمع الدولي إلى وقف الرهان على إصلاح النظام من داخله، أو إنقاذه عبر اتفاقيات مرحلية، وقالت: “الرهان الحقيقي يجب أن يكون على الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة التي دفعت أثماناً باهظة من أجل الحرية، وآن الأوان لأن تحظى بالدعم السياسي والاعتراف الدولي كبديل شرعي”.
التعليقات