السبت الموافق 21 - يونيو - 2025م

لماذا يرفض الأقباط قانون بناء الكنائس؟

لماذا يرفض الأقباط قانون بناء الكنائس؟

كتب : عماد عنان
بعد عقود من الجدل والتراشق الإعلامي والسياسي في الداخل والخارج، هاهو مجلس النواب يقر قانون بناء الكنائس بعد جلسة عاصفة استمرت قرابة ثلاثة ساعات، لتنتهي بقبلة وجهها رئيس المجلس لأعضاء المجلس وسط هتاف: يحيا الصليب مع الهلال.
قبلة علي عبد العال لمجلسه عقب إقرار القانون لم تنهي قطعا حالة الاحتقان بين المسلمين والأقباط في مصر، إذ قوبل القانون بوابل من الانتقادات والاتهامات من قبل أعضاء البرلمان المسيحيين، فضلا عن النشطاء الأقباط في الشارع، فمابين العرقلة والتهميش والتقليل من شأن الأقباط وافتقاد الدستورية، بات القانون الجديد في مرمى النيران.
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يطالب فيها الأقباط بقانون يسمح لهم ببناء دور عبادة مخصصة لهم، في ظل حالة التضييق الأمني التي مارستها أجهزة الدولة طيلة العقود الماضية، وفي عهد الرئيس الأسبق، حسني مبارك، كان هناك اتجاه لإصدار قانون موحد لدور العبادة، ينظم بناء المساجد والكنائس، ولكنه قوبل بالرفض من قبل مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف، بدعوى أنه لا حاجة لإصدار قانون موحد لدور العبادة؛ حيث يوجد بالفعل قانون ينظم بناء المساجد، والمطلوب فقط هو قانون مناظر ينظم بناء الكنائس.
و تنص المادة ( 235 ) من الدستور المصري، ضمن المواد المعروفة بـ “المواد الانتقالية”، على أنه “يصدر مجلس النواب في أول دور انعقاد له بعد العمل بهذا الدستور قانوناً لتنظيم بناء وترميم الكنائس، بما يكفل حرية ممارسة المسيحيين لشعائرهم الدينية”، ما يعني أنه كان لزاما على البرلمان إقرار هذا القانون قبل نهاية دور الانعقاد الأول والمقرر لها نهاية سبتمبر الجاري.
وقد أثارت بعض المواد عاصفة من الجدل لاسيما المادة الثانية والتي تنص على : يراعى أن تكون مساحة الكنيسة المطلوب الترخيص ببنائها وملحق الكنيسة على نحو يتناسب مع عدد وحاجة مواطني الطائفة المسيحية في المنطقة التي تقام بها، مع مراعاة معدلات النمو السكاني، ويجوز أن تضم الكنيسة أكثر من هيكل أو منبر وأكثر من صحن وقاعة معمودية ومنارة، كذلك المادة الخامسة والتي تقول: يلتزم المحافظ المختص في البت في الطلب المشار إليه في المادتين (3)، (4) من هذا القانون وإصدار الموافقة والتراخيص المطلوبة بعد التأكد من استيفاء كل الشروط المتطلبة قانونا في مدة لا تجاوز أربعة أشهر من تاريخ تقديمه، وإخطار مقدم الطلب بكتاب مسجل موصى عليه بعلم الوصول بنتيجة فحص طلبه.وفي حالة رفض الطلب يجب أن يكون قرار الرفض مسببا.
تهميش للأقباط
مع الإعلان رسميا عن موافقة الكنيسة والبرلمان على بنود القانون الجديد، حالة من الغليان أصابت الشارع القبطي جرّاء تهميش وتجاهل القيادات الكنسية لرأيهم وموقفهم من بنود هذا القانون، الذي ظل لغزا محيرا داخل صناديق الكنيسة دون أن تتناقش فيه مع الأقباط حسبما جاء على لسان نادر صبحي، مؤسسة “حركة شباب كريستيان للأقباط الأرثوذكس”
صبحي أشار في بيان له صادر باسم الحركة أن القيادات الكنسية تتعامل مع الأقباط بمنتهى الاستخفاف و التجاهل، وليس من حق الشعب أن يعرف أي شيء، مشيرا أن صدور بيان مبهم من المتحدث الرسمي باسم الكنيسة بعد انعقاد المجمع المقدس لا يشرح و لا يفيد و مبهم و لا يحق للشعب أن يعلم شيء عن كنيسته ولا ما تم الاتفاق و الوصول إليه، وعند السؤال لتوضيح الأمور لا يوجد رد !!
وأضاف: هذا في حد ذاته صناعة أزمة بلا أزمة ..! و هناك صفحة علي موقع التواصل الاجتماعي تسمى صفحة المتحدث الإعلامي للكنيسة ! أين ما أسفر عنة اجتماع المجمع المقدس الخاص بمناقشة قانون بناء الكنائس! لم نرى أي شيء للتوضيح .. غير موقع البوابة نيوز فقط قام بنشر بعض المواد التي تفيد الموضوع، و ذلك اليوم فقط بعد الضجة و الغضب الشديد الذي أشعل مواقع التواصل الاجتماعي ..
ثم تساءل : هل نستقي معلومات و أخبار كنيستنا من الصحف أم كما أعلنتم سابقا أن ليس كل ما يكتب بالصحف صحيح و المرجعية إلي صفحة المتحدث الرسمي باسم الكنيسة!! و مع كل هذا يرون المشهد وكأن شيئا لم يكن، علما بأن حالة الغليان وصلت إلى المطالبة بطبع استمارات للتصويت عليها من الشعب القبطي لرفض القانون، و مع ذلك صمت تام ولا يوجد كلمة تثلج قلوبهم، لماذا هذه الطريقة من التعامل مع الشعب بمنتهى الاستخفاف و التجاهل و مبدأ ” سيبوهم يتسلوا” كلمة “سيبوهم يتسلوا” دي أسقطت نظام وكفيلة أن تسقط آخر.
مخالفة للدستور
على عكس المتوقع فوجئ الجميع بحملات انتقاد واسعة ضد القانون الجديد الذي طال انتظاره، فبالرغم من قبلات رئيس مجلس النواب وتصفيق أعضاءه وهتافات الهلال مع الصليب، كان للشارع رأي آخر، حيث شنوا هجوما ضد المجلس والكنيسة على حد سواء، متهمين القانون بعدم الدستورية.

البداية مع نجيب جبرائيل، رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، والذي أكد أن المادة الثانية التي أقرها مجلس النواب من قانون بناء الكنائس مخالفة للدستور وتثير الفتنة، مستبعدا تطبيقه في ظل وجود ثقافة بين أبناء الشعب على حد قوله.
أمّا الكاتب القبطي والمحلل السياسي أسامه فرج فأشار إلى أن القانون به عوار دستوري فاضح، ومخالفة صريحة للمادة الثالثة من الدستور والتي تنص على (مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية).
فرج تساءل عن الهوية المسيحية المميزة للكنائس حال بنائها بدون صلبان أو منارات تعكس الملمح الديني للبناء، مطالبا بمحاكمة أعضاء البرلمان جميعهم حال التصميم على إقرار القانون بكل ما فيه من عوار.
قتل لحلم الأقباط
(الحكومة قتلت الحلم والدولة تقول للمسيحيين: أنتم لا تتمتعون بالمواطنة الكاملة في دولة تنزع الهوية القومية)..بهذه الكلمات استهل النائب القبطي عماد جاد حديثه معلقا على قانون بناء الكنائس الجديد.
جاد أشار في تصريحات خاصة للبيان أن هناك تعمد واضح من بعض أجهزة الدولة في عدم إنهاء هذا الخلاف بين المسلمين والأقباط، متسائلا: ماذا يضير الحكومة في بناء الكنائس وعليها صلبان ومنارات؟
النائب البرلماني طالب أيضا بتعديل بعض مواد القانون لاسيما فيما يتعلق بموافقة المحافظ على بناء الكنائس وان تكون حسب نسبة الأقباط إلى عدد السكان، مشيرا أن هذه المواد فيها “سم قاتل” ولن يرضى بها الأقباط.
ومن الواضح أن ثلث أعضاء البرلمان الرافضين للقانون ليسوا من حزب النور السلفي فحسب، بل هناك قطاع كبير من الأقباط داخل المجلس عبر عن استنكاره ورفضه لبنود القانون، وهو ما كشفته البرلمانية القبطية الدكتورة نادية هنري، خلال رسالتها التي أرسلتها لأعضاء المجلس حثتهم فيها على رفض القانون، مشيرة أن هذا القانون تم فرصه على الكنيسة بصورة مشينة، وأنه يقنن للظلم والاضطهاد.
هنري قالت في رسالتها “لكل نائب مصرى يفهم معنى أن مصر لكل المصريين، لكل نائب وطني يستوعب معنى أن الوطنية لا تستقيم مع قبول اضطهاد مواطنين مصريين يحبون وطنهم ويقبلونه رغم ما يتعرضون له منذ عقود من الزمن.. لكل نائب (مسلم) حريص على تطبيق عبارة ( صحيح الدين) عمليا وفعليا وليس قولا فقط.. لكل نائب (مسيحى) يعلم أن مسيحيته لا تعنى قبول الظلم وأن المحبة لا تعنى الخضوع والضعف وان تعاليم السلام لا تعنى أن لا تشهد بالحق.. انسحبوا من هذه التمثيلية الرديئة، مشروع قانون بناء الكنائس”.
وتابعت: “هو مشروع مفروض من الدولة على المسيحيين والكنيسة، هذا مشروع يقنن الظلم والاضطهاد للمسيحيين، هذا مشروع قانون عار على المصريين جميعا قبوله.. عار وطنيا ودينيا.. سجلوا موقف للتاريخ.. ليس للتاريخ فقط ولكن للضمير الشخصي والوطني لكل منكم.. سجلوا موقف قد يساهم في إلغاء هذا القانون الذمي القبيح.. سجلوا موقف صرخة وطنية في وجه أجهزة الدولة المتعصبة الجاهلة بأن الأقباط مصريون مواطنون وليسوا أهل ذمة… شئتم أم أبيتم.. مواطنون عليهم كافة الواجبات ولهم كافة الحقوق”.
بعد هذا الوابل من النقد لقانون بناء الكنائس..نتساءل: هل يحل هذا القانون بما فيه من عوار وفق أراء النواب الأقباط أزمة مسيحي مصر فعلا؟ أم أن الأمر بحاجة إلى إعادة نظر

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[ad 3]
[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 82327367
تصميم وتطوير