بقلم الشيخ محمد الفخراني

عباد الله الموت ليس منه فوت إن أقمتم أخذكم  وإن فررتم منه أدرككم الموت معقود بنواصيكم 
فالنجا النجا والوحا الوحا .

فإن وراءكم طالبا حثيثاً وهو القبر  ألا وإن القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار 
ألا وإنه يتكلم في كل يوم ثلاث كلمات فيقول 

أنا بيت الظلمة 

أنا بيت الوحشة

أنا بيت الديدان

ألا وإن وراء ذلك اليوم يوماً أشد منه يوماً يشيب فيه الصغير ؛ ويسكر فيه الكبير ( تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وتري الناس سكاري وما هم بسكاري ولكن عذاب الله شديد)

ألا وإن وراء ذلك اليوم يوماً أشد منه فيه نار تتسعر حرها شديد وقعرها بعيد وحليها حديد  وماؤها صديد ليس لله فيها رحمة. 

ألا وإن ذلك اليوم ( جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين )

فاتقوا الله عباد الله وأنتم في مهل بادروا الأجل ولا يغرنكم الأمل فكأني بالموت قد نزل  فشغلت المرء شواغله وتولت عنه فواصله وهيئت أكفانه  وبكاه جيرانه وصار إلي التراب الخالي بجسده البالي فهو في التراب عفير وإلي ما قدم فقير .

وأخيراً أقول أيها الناس كل كلام في غير ذكر فهو لغو وكل صمت في غير فكر فهو سهو والدنيا حلم والآخرة يقظة والموت متوسط بينهما ونحن في أضغاث أحلام فهو الموت لا منجي من الموت والذي نحاذر بعد الموت أدهي وأقطع .

اللهم أقل العثرة وأعف عن الزلة وعد بحلمك علي من لم يرج غيرك ولا يثق إلا بك فإنك واسع المغفرة وليس لذي خطيئة منك مهرب. 

ودخل ملك الموت علي داود عليه السلام فقال له : من أنت قال : أنا الذي لا يهاب الملوك ولا تمنع منه القصور ولا يقبل الرشا فقال : إذن أنت ملك الموت وإني لم أستعد بعد ؛ فقال له : ياداود أين فلان جارك أين فلان قريبك ؟

قال ماتا  قال أما كان لك في موت هؤلاء عبرة لتستعد بها ثم قبضه عليه السلام .

وإن الانسان يحصل له عند الموت قوة حركة نحو ما يحصل للسراج عند انطفائه من حركة سريعة وضياء ساطع وتسميها الأطباء النعشة الأخيرة فمن كان الموت موعده والقبر بيته والثري مسكنه والدود أنيسه وهو مع هذا ينتظر الفزع الأكبر .

كيف تكون حالته فيجب على العاقل أن يحاسب نفسه بنفسه علي ما فرط من عمره ويستعد لعاقبة أمره بصالح العمل ولا يغتر بالأمل فإن من عاش مات ومن مات فات وكل ما هو آت آت نسأل الله أن يلهمنا رشدنا ويوفقنا لاتباع أوامره واجتناب نواهيه وأن يجعل الموت خير غائب ننتظره وأن يختم لنا بالخير وأن يتغمدنا برحمته إنه علي ما يشاء قدير وبالإجابة جدير .

أدخلنا الله تعالى وإياكم دار النعيم وأجارنا وإياكم من العذاب الأليم 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة