تحقيق .. أسامة درويش
بداية نرحب بحضرتك ونود فى البداية أن نعرف جمهورنا وقراء جريدة ” البيان ” من هو مصطفى أبو حسين ؟ وما دوره فى وزارة الآثار المصرية ؟
الاسم : مصطفى أبو حسين .. أعمل بوزارة الآثار منذ عام 1996 وعضو في جمعية الآثاريين المصريين من قبل والآن عضو مجلس إدارة مؤسس في اتحاد الآثاريين المصريين تحت رئاسة أستاذنا الدكتور العالم الجليل د/ عبد الحليم نور الدين ….وعضو مجلس إدارة مؤسس في جمعية رعاية العاملين بالآثار و حماية آثار و تراث مصر.
** نود أن نطمئن على آثارنا المصرية هل هى بخير أم أن هناك ما يدعو للقلق عليها ؟
فى الحقيقة آثارنا المصرية ليست بخير منذ مدة طويلة و هناك ما يدعو للقلق …فعلي سبيل الكلام والسرد لا أشعر بأي اهتمام من المسؤليين بمواقع الآثار منذ بدايات ثورة 25 يناير و حتي الآن وبالتحديد منذ أن تم استحداث منصب وزير الآثار بعد أن كانت هيئة ثم مجلس أعلي . فوزير الآثار منصب سياسي أبعد من هم علي رأس الوزارة عن العمل التخصصي و اتجهوا بها سياسيا أكثر من اللازم .
** فى الفترة الأخيرة يوجد هجوم شديد من وسائل الإعلام على وزارة الآثار لإهمالها الآثار المصرية وظهر ذلك جليا فى وضع تماثيل مشوهة المنظر ووضعها بالشوارع تسيء لسمعة مصر الآثرية وغيرها من عمليات الترميم غير الدقيقة التى نراها بشكل يومى لكثير من الآثار المصرية فهل هذا الهجوم طبيعى أم أنه أمر مبالغ فيه ؟
يمكن للبشر إذا ما أحسوا بخطر داهم أوبمرض أن يئنوا أويشكوا لكن ما حال الآثار و هي لا تستطيع أن تفصح عما بداخلها ! الآثار تعاني من أمراض عديدة وإهمال جسيم من فترات مختلفة والآثار أشبهها بامرأة جميلة إذا ما تحدثت معها و أعطتها حلو الكلام فاضت عليك دلالا.
و مشكلة الآثار في مصر كثرتها ,فمن كثرة الآثار في مصر أصبح الإهتمام بها دون المستوى.فبعض المسؤليين الآن لا يفعلون شيئا سوى التوقيع علي أوراق فقط دون وجود رؤية أونظرة مستقبلية للنهوض بكل المواقع الآثرية والاهتمام بها و تأمينها وترميم المريض منها.
ولدينا في مصر مرممون علي أعلي كفاءة و لكن ينقصهم الدعم الفني و المادي والمرمم المصري يكون أحيانا معذورا عندما يسند إليه عمل ما بدون إمكانيات أودعم وتحديث في الأدوات المساعدة له في الترميم .
أما عن سلسلة التماثيل الحديثة و التي انتشرت مؤخرا في مصر في بعض ميادينها , فهي عار علي مصر وعلى وزارتى الآثار و السياحة . إنها تماثيل مشوهة ذميمة تسئ إلي الفن المصري القديم وفن النحت الذي توارثناه عن أجدادنا المصريين القدماء لذا أرسلت مذكرة للمسؤليين بوزارة الآثار بها بعض صور تلك التماثيل للوقوف علي حد لنهاية وضع مثل هذه التماثيل في ميادين محافظات مصر و اقترحت أن يكون المسئول الأول عن إخراج هذه التماثيل هي وزارة الآثار بالتعاون مع وزارة السياحة و تحت إشرافهما .
** هل تقوم وزارة الآثار المصرية بشكل خاص والدولة المصرية بشكل عام برعاية وتقدير الأثريين المبدعين ووضعهم بالأماكن التى تناسب إبداعهم أم يتم تهميشهم وتجاهلهم كما يحدث فى العديد من الوزارات الأخرى ؟
للأسف الشديد لا الدولة ولا وزارة الآثار تبديان أي اهتمام للمرمم المصري أوالآثاري المصري على حد سواء وأصبح الحال بداخل وزارتنا يسير بمبدأ أهل الثقة لا أهل الخبرة والعلم.فهناك آثاريون و مرممون علي أعلي مستوي ولكنهم في طي النسيان , فلا يوجد مشروع رعاية صحية يليق بحراس و أطباء الحضارة و كل يوم نفقد منا أعزائنا بسبب عدم وجود مشروع رعاية صحية مناسب و ملائم .والآثاري و المرمم يتعرضان لمخاطر كبيرة أثناء ممارسة المهنة حيث إننا نتعامل مع مواقع ومومياوات وأدوات منذ آلاف السنين بل بعضها يصل لملايين السنين ونحن معرضون لأمراض وإصابات كثيرة ولا نجد من يهتم بنا وعلي سبيل المثال دخل وراتب الآثاري أصبح ضئيلا جدا مقارنة بكل الوزارات الأخري ….فأصبح من حق البعض من رجال الآثار ممارسة أي عمل آخر بعد فترة عمله الرسمية ليستطيع الإنفاق علي أسرته وأبنائه .
** فى محافظة الغربية وهى مقر عملك يوجد العديد من الآثار الفرعونية والإسلامية والقبطية فتوجد بمدينة بسيون قرية صالحجر إحدى عواصم مصر القديمة وقرية أبو صيربنا ومدينة سمنود نفسها , كما يوجد المسجد الأحمدى بمدينة طنطا والسبيل الأحمدى وسبيل على بك الكبير ومسجد العمرى والمتولى وأبو الفضل الوزيرى بمدينة المحلة الكبرى , هذا بالإضافة إلى كنيسة العذراء بطنطا وكنيسة مارى جرجس بالمحلة وأيضا كنيسة العذراء بقرية إبيار بكفر الزيات والشهيد رفقة بسنباط , هذا بخلاف المزارات السياحية بالمحافظة كحديقة المتحف ومتحف آثار وسط الدلتا ووكالة الغورى وقناطر دهتورة بمدينة زفتى .. ياترى كل هذه المعالم الأثرية فى معزل عن آثار مصر أم أن لها دورا فى جذب السائحين وعشاق الآثار لمحافظة الغربية وهل هذه الآثار تلقى رعاية الأثريين فى الغربية أم لا ؟
الآثار بمختلف أشكالها متنوعة وموجودة في محافظة الغربية لكن لا يوجد عليها “سبوت” إعلامي لجذب الزيارات لها أو الدعاية برعاية رسمية من الجامعات و المدارس و مراكز الشباب لننشئ جيلا جديدا له من الوعي الآثري و الثقافة الآثرية القدر الكاف ومنذ مدة ليست بالبعيدة أصدر وزير آثار سابق قرارا بزيادة أسعار التذاكر للمصريين ولم يزدها بالنسبة للأجانب فكيف بالمصري البسيط المحتاج أن يتجول ويزور مواقعنا الآثرية سواء القريبة منه أوالبعيدة عنه ! بالإضافة إلى أن الآثار في محافظة الغربية تحتاج إلي دعم وتأمين جيد نظرا لما تتعرض له من مخاطر و تعديات ,وهناك مواقع عديدة تتعرض للتعديات يوميا ولا يوجد من يتخذ الإجراء المناسب لها و الفوري .فمشكلة الآثار هي القيادة التي يجب أن تتخذ اجراءات فورية وسريعة تجاه أي تعد أومخالفة عليها ,وأرجو أن يكون للقيادات في كل المناطق سلطة اتخاذ أي قرار فوري من شأنه المحافظة علي الآثار دون التراخى أثناء المكاتبات إلي القاهرة و طول الانتظار لحين وصول الرد .
** نسمع ونقرأ كل يوم عن تهريب العديد من الآثار المصرية غير المسجلة إلى خارج البلاد فهل هذا الكلام صحيحا ؟ وهل قانون حماية الآثار الموجود حاليا كاف لحمايتها ؟
موضوع تهريب الآثار إلي الخارج للأسف لازال مستمرا وكل يوم نسمع و نقرأ عن عمليات تهريب جديدة بعضها لا دخل للآثار فيها و بعضها ممن يقومون علي إدارة الآثار في مصر هم مَن لذا أفضل المحاسبة الفورية لكل من تسول له نفسه الغفلة عن حماية آثار مصرية في عهدته أوتحت إدارته .وقانون الآثار يحتاج إلي تشديد العقوبة فيه و تغليظها ولابد أن يكون هناك لقاءات بين المسؤليين في الآثار و الجهات الأمنية وأن تكون الشرطة سواء شرطة السياحة والآثار أو الشرطة العادية علي دراية بقانون الآثار وأن يحاطوا علما بكل النشرات و اللوائح الجديدة المنظمة للعمل داخل وزارة الآثار .
** فى النهاية ماهى رؤيتك لمستقبل الآثار فى مصر وما هى كلمتك الأخيره التى توجهها للقائمين على الآثار داخل مصر ؟
أتمني من كل آثاري ومسئول عن الآثار في مصر أن ينظروا إلي الآثار علي أنها كائن حي يعيش بيننا ولكنه أصم لا يستطيع التعبير عما يؤلمه وأتمني علي المسئوليين أن يبتكروا ويطوروا من أفكارهم والعمل علي وجود أفكار بديلة جديدة و حديثة للنهوض بزيادة موارد الآثار في مصر ’كما أتمني عليهم أن ينظروا بنظرة عطف إلي دخل الآثاريين والمحاولة علي ايجاد راتب يكفي الآثاري في ظل ظروف الحياة الجديدة حتي لا يضطر بعض ضعاف النفوس إلي ما يضر بالآثار و إهمال مواقعهم التى يعملون بها بحثا عن مصدر إضافى للدخل .



التعليقات