الثلاثاء الموافق 17 - يونيو - 2025م

 عدم الحكم بما أنزل الله “اتباع للهوي “

 عدم الحكم بما أنزل الله “اتباع للهوي “

بقلم الشيخ محمد الفخراني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
لا يستغني فرد أو جماعة عن قانون ينظم حياتهم ويضبط العلاقات فيما بينهم ويعاقب من يعتدي منهم على غيره ؛ وقد أشار القرآن الكريم إلي أن الله تبارك وتعالى تكفل بوضع هذا القانون ممثلاً فيما أرسله من رسل وأنزله من كتب من شأنها أن تضع الناس على الطريق القويم والصراط المستقيم ؛ ويؤكد القرآن الكريم في أكثر من موضع أن ماشرعه الله لعباده من أحكام وما سنه من تشريعات ينال عظمته وسمو مكانته من الله الذي وضعه والقائل عن نفسه ”  أليس الله بأحكم الحاكمين ” وإزاء هذا يطرح علينا ربنا سؤالاً يتضمن مقارنة بين ما شرعه البشر وما شرعه رب القوي والقدر فيقول 
” أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون “
من ذا الذي يجرؤ على ادعاء أنه يشرع للناس ويحكم فيهم خيراً مما يشرع الله لهم ويحكم فيهم ؟
أيستطيع أن يقول : إنه أعلم بالناس من خالق الناس ؟
أيستطيع أن يقول : إنه أرحم بالناس من رب الناس ؟
أيستطيع أن يقول : إنه أعرف بمصالح الناس من إله الناس
أيستطيع أن يقول: إن الله سبحانه وهو يشرع شريعته الأخيرة ويرسل رسوله الأخير ويجعل رسوله خاتم النبيين ويجعل رسالته خاتمة الرسالات ويجعل شريعته شريعة الأبد كان سبحانه يجهل أن أحوالا ستطرأ وأن حاجات ستستجد وأن ملابسات ستقع فلم يحسب حسابها في شريعته لأنها كانت خافية عليه حتي انكشفت للناس في آخر الزمان ؟
مالذي يستطيع أن يقوله من ينحي شريعة الله عن حكم الحياة ويستبدل بها شريعة الجاهلية وحكم الجاهلية ويجعل هواه أو هوي شعب من الشعوب أو هوي جيل من أجيال البشر فوق حكم الله وفوق شريعة الله ؛
لقد أشار الله تعالى إلي شمولية شريعته وأحكامه لكل جزئيات الحياة فقال  ” ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ ” ومع شمول هذه الشريعة فإنها تتعامل مع جميع الخلق بلا محاباة أو مجاملة لأحد على حساب آخر كما أنها صالحة للتطبيق في كل زمان ومكان وهي تتفق مع فطرة الانسان ورعاية مصالحه لأن الذي قررها ووضع مبادئها هو الله خالق الزمان والمكان والإنسان .
ومن هنا فإن القرآن يقرر أن هذه الشريعة أتمها الله وأكملها ورضيها لنا منهج حياة فقال ” اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ” 
إن الله تبارك وتعالى حين رضي لنا هذه الشريعة سبق في علمه أنها تسع الجميع زمانا ومكانا وأنها كفيلة بتحقيق سعادتهم في الدنياوالآخرة ولذا جاءت توجيهاته لنا قاطعة وحاسمة في ضرورة الاحتكام إلي هذه الشريعة وأن هذا هو معني الإيمان بالله والعبودية الخالصة له فيقول ”   إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ” 
ويجعل الاحتكام إلي هذه الشريعة والرضا بما جاءت به فارقا بين المؤمنين وغير المؤمنين .
ففي شأن المؤمنين :
قال ”  إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا واطعنا وأولئك هم المفلحون “
ويقول في شأن المنافقين :
” وإذا قيل لهم تعالوا إلي ما أنزل الله وإلي الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا ” نفهم من هذا
 أن الاحتكام إلي شرع الله خير للإنسان والمجتمع وأحسن في الدنيا والآخرة وأن العمل بالشرع ميسور لكل الخلق فلا تكليف فيه فوق الطاقة ومع ذلك ينال صاحبه الهداية التي يبتغيها والأجر العظيم الذي يتمناه أن تطبيق هذا النهج الإلهي يحقق رخاء الحياة ورغد العيش وأن السير في الحياة وفق منهج الله يحقق السيادة والعلو والتمكين في الأرض لمن تمسك بها.
لأجل هذا وغيره نطالب الأمة جميعها بالعودة الصادقة إلي دين الله ورفض كل ما من شأنه أن يحول بينه وبينها من مذاهب بشرية وقوانين وضعية ؛ إننا جميعاً أفردا وحكومات مطالبون بتطبيق شريعة الله كل فيما يخصه وإن كثيراً من أحكام الشريعة تنظم حياة الأفراد دون حاجة إلى تدخل حاكم أو سلطان كعلاقة الفرد بالفرد والفرد بالأسرة والفرد بالمجتمع إلي جانب ما يطالب به المسؤلون في مجالات القضاء والإعلام والتعليم إلخ للتحاكم إلي شريعة الله وإهمال البعض في القيام بمسئولياته حيال هذه الشريعة وتطبيقها لا يعفي الأخرين من القيام بمسئولياته والتي سيحاسبه الله عليها ويجازيه علي الإحسان فيها خيراً في الدنيا والآخرة وإن إهمال وقصر فلا يأمن من العقوبة ”    فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره “
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاتة

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[ad 3]
[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 82238587
تصميم وتطوير