تعيش طهران هذه الأيام على وقع أزمة مزدوجة: تصاعد الانتفاضة الشعبية في الداخل وتزايد الضغوط الدولية في ملفها النووي. وبينما يشهد الشارع الإيراني غليانًا غير مسبوق، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن قرب التوصل إلى اتفاق نووي “قوي جداً” مع طهران يمنح واشنطن صلاحيات تفتيش وتدمير المنشآت المشبوهة في أي وقت ومن قبل مفتشين أمريكيين، يكشف مدى فقدان النظام لزمام المبادرة، ورغبته اليائسة في كسب الوقت لتفادي انفجار داخلي أكبر.
لكن هذه التنازلات لم تأتِ من موقع قوة، بل من واقع الانهيار. فإضراب الخبازين في مشهد وبقية المدن الإيرانية، وما رافقه من قمع وحشي قابلته عمليات شجاعة من شباب الانتفاضة بإحراق قواعد الباسيج ومقرات السلطة، يعكس حقيقة أن النظام لم يعد قادراً على السيطرة لا على الشعب ولا على الشارع.
الهشاشة التي يُظهرها خامنئي ونظامه في التعامل مع مطالب معيشية بسيطة كالخبز، تُعرّي زيف دعاوى “الاقتدار” التي طالما روجوا لها. فالدولة التي تقمع الخبازين بالغاز المسيل للدموع، وتفشل في تأمين الكهرباء والدقيق، تجد نفسها مجبرة على القبول باتفاق يتيح للأمريكيين “تفجير المختبرات” المشبوهة داخل إيران، ما يدل على عمق الانهيار السياسي والأمني والاقتصادي.
من الواضح أن النظام محاصر من كل الجهات: داخليًا ينتفض الشعب، وخارجيًا تُفرض عليه الشروط. ومهما حاولت آلة القمع أن تُخرس الأصوات، فإن مشاهد إحراق مقرات القمع، والشعارات الثورية في الشوارع، والضغوط الدولية، كلها تؤكد أن ساعة الحسم تقترب. ولا مفرّ لطغمة الملالي من مصير محتوم كتبته أيديهم، وحدّده غضب شعب لا يريد سوى الحرية والكرامة.
التعليقات