الخميس الموافق 15 - مايو - 2025م

سياسة التجويع و التشريد و التعطيش ما زالت متبعة مع الدول العربية

سياسة التجويع و التشريد و التعطيش ما زالت متبعة مع الدول العربية

 

حوار / محمد عامر

 

 

سياسة التجويع و التشريد و التعطيش ما زالت متبعة مع الدول العربية

الثلاثي العالمي المرعب (المياه و الطاقة و الغذاء )
مصر كانت و لا زالت عصية علي تركيعها
اثيوبيا سوف توقع الاتفاقية مع مصر و السودان … و لكن !
فى اجتماعات مجلس الامن
الدول الكبري لا تريد فتح ملفات المياه مع جيرانها تجنبا للصراعات العسكرية
الولايات المتحدة و اسرائيل توقعان اتفاقية ” باور افريقيا ” لاستغلال موارد الطاقة بانواعها
بيل جيتس و روكفلر يضعان قائمة الطعام فى العالم
التوجه لزراعة افريقيا لضمان الامن الغذائي فى الدول الغنية
مفوضية و سفير للمياه فى الدول العربية و بورصة للتسعير
جيتس و روكفلر ينفقون 5 مليار دولار علي تغيير اساليب الزراعة و افسادها فى افريقيا
اسرائيل تعامل اثيوبيا بأنها ارضهم الاصلية العائدة
الصراع العربي الاسرائيلي يمتد لمنابع النيل و يكرر سيناريو التهويد للمدن الافريقية
اسرائيل تنجح فى الحصول على عضوية مراقب بالاتحاد الافريقي و الايكواس
نعيش عصر اعادة توزيع مراكز القوي العالمية و الثروات
الدول الصغري (اثيوبيا) تصبح ادوات فى مواجهة قوي الدول القديمة (مصر)
القطاع الخاص يستقل بمشروعات الطاقة عن سيطرة الحكومات الافريقية
الشركات العالمية تخفض تعريفة الكيلو وات 0،20 سنت فى اثيوبيا لتخرج من المنافسة
شركات اسرائيلية ترعي ابحاث التنمية وتوزيع تكنولوجيا الطاقة فى افريقيا والعالم

بدأت الباحثة زينب الدربي المتخصصة فى الشؤون الدولية فى جامعة نيويورك حديثها معي هذه المرة فى الحلقة 3 من سلسلة حوارات سد النهضة بطرح السؤال علىّ أنا المحاور و ليس العكس فقالت :
” أنظر حولك ماذا تري من دفتر أحوال الشعوب العربية التى كانت تمتلك جيوشا قوية ؟!!”
و سارعت هي أيضا بالإجابة : ” سوف تجدهم شعوبا مشردة ، لاجئة ، جائعة ، متعطشة ، تأخرت عن ركب الشعوب المتحضرة عشرات السنين بعد أن كانت تناطحهم رأسا برأس ” أليس كذلك ؟! .
فوجدت نفسى أجيبها و أنا المحاور و قد تبادلنا الأدوار : ” للأسف نعم ؟! ” .
و بعدها بدأ حواري :

و هل تقصدي أن هناك ربط بين ما يحدث للشعوب العربية أمثال العراق و سوريا و تونس و ليبيا و اليمن بأزمة سد النهضة .. كيف ؟
.. بالتأكيد ، أزمة سد النهضة ما هي إلا أداة جديدة للحرب و لكنها صريحة و معلنة الان و موجهة بشكل مباشر ضدنا الشعب المصري تحديدا ، فقد فشلوا بعد أحداث 25 يناير و تداعياتها السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و العالمية أن تقع مصر فريسة لهذا المصيرالذي كاد و أن يكون محتوما أسوة بأشقائها العرب فى هذه البلدان المنكوبة ، فكل منهم يتشابه معنا فى حضارته و ريادته الثقافية و قوته العسكرية بل و ثرواته التى تفوقت علينا مثل العراق و ليبيا و أهم من هذا هو تشابهنا بل و تطابقنا فى إمتلاكنا مصدر قوي و غني من المياه العذبة فى العالم الذي أصبحت كما ذكرت من قبل سلاحا و هدفا ووسيلة للحرب القادمة العابرة للقارات ، تماما مثل الحروب الهجينة و الجيل الرابع و الخامس الذي نحن بصدده الان و تقود تكنولوجياته و أبحاثه الان اسرائيل و الولايات المتحدة و بريطانيا و تنافسهم روسيا و الصين و الهند .

أستطيع أن أستنتج من كلامك أن هذا هو المخطط الذي ينتظرنا ؟!
.. نعم و لكنه ليس متطابقا ، حيث ان هذه المخططات التى نجحت القوي العالمية فى تركيع هذه القوي العربية من قبل تهدف الى كسر هذه الشعوب العربية التى كانت سببا اساسيا من قوة العرب مقارنة بالشعوب الاخري ، مما كان يشكل خطرا و منافسة عالمية و على قيادة المنطقة و الاستفادة من ثرواتها خلال العقود القادمة ، و من ثم اصبح هدف تدمير الانسان العربي و قوته و حماسه و ابتكاره و اختراعه و تطلعه للافضل و للعلم و المعرفة و السبق هو هدفا اساسيا ، حتى يتفرغ دائما للتفكير و العمل على إيجاد المأكل و المشرب و المأوي أولا و أخيرا ثم تأتي الصحة و التعليم و غيرها من متطلبات الحياة الاساسية ايضا ، و زاد من حمة و سخونة تحقيق هذا الهدف مع الشعب المصري عدة اسباب علي رأسها ، نجاحنا و مقاومتنا فى الامتثال و الاستسلام لهذا المخطط التدميري ، ليس هذا فحسب بل و تقدمنا فى كل المجالات على كافة الاصعدة و خطونا خطوات جادة و ثابتة في تعزيز مكانتنا و اوضاعنا الاقتصادية و العسكرية و السياسية الاقليمية و العالمية مع استمرار تماسكنا ووحدتنا .
و من هنا بدأو يفكروا لنا فى صناعة كارثة تجر وراءها باقى التداعيات حتى و ان استغرق الامر سنوات قليلة قادمة .
هلا رسمتي لي الصورة بشكل أوضح ؟
.. الأزمة كما يتكرر فى كل وسائل الاعلام لن تكون المياه و الجفاف فقط ، بل و وفقدان الالاف لمصادر ارزاقهم من الزراعة ، نقص فى المياه و مصادر الغذاء و بالتالي يترتب عليه الصراع الداخلي بين الناس علي مصادر المياه ثم الصدام بين الشعب و الاجهزة التى لا تستطيع توفير المياه تزامنا مع الزيادة السكانية و احتياجنا لمضاعفة استيرادنا للمواد الغذائية المطلوبة و بالتالي احتياجنا لمصادر دخل اضافية و مضاعفة من العملات الاجنبية التى سوف يزداد الطلب عليها و غيره و غيره .
و بناء عليه تختلق الازمات المستمرة و ندور فى حلقات مفرغة و تكون النتيجة إما الرضوخ لشروط الاخرين أو المقاومة ” النظام و الشعب إيد واحدة من أجل ان تحيا مصرفعلا حرة و مستقلة عن سيطرة هذه القوي العالمية ” .
كل هذا من أزمة سد النهضة ؟!
.. و أكثر و أعظم مما تتخيل ، مرة أخري كيف ركعت الدول الكبري من بينهم بلاد الرافدين عندما حولت ايران مسار 42 نهر من المجري الرئيسي من نهر الفرات و بنت تركيا 5 سدود و بصدد بناء السادس و بيعها للماء لاسرائيل و احتلال الاخيرة و تمسكها بالجولان بسبب نهر الدانوب احد الاسباب و حرب الايام الستة 1967 كان سببها الرئيسي البحث عن الماء و الارض لضمان بقاء الشعب الاسرائيلي القادم !!.

و هل كان رد فعل الدول الكبري الصادم فى اجتماع مجلس الامن الاخير له مرجعية خاصة بصادر المياه أم أنه لمزيد من تعقيد الامور و الايقاع بنا الي الهاوية ؟
.. الدول الكبري فى مجلس الامن و على رأسهم الولايات المتحدة و الصين و روسيا و الهند و باكستان و حتى كندا و دول الاتحاد السوفيتي القديم و غيرهم متورطة فيما بينهم فى خلافات حول مصادر المياه العذبة فى الانهار المشتركة ، و رغم وجود مباديء هيليسنكي و تطبيق الاتفاقية العالمية المنظمة لتقاسم المياه بين الدول و قانونيتها منذ 1997 إلا ان كل السوابق تقول أنه لا توجد دولة واحدة حول العالم التزمت بها ، و من ثم مناقشة مجلس الامن لهذه القضية الخطيرة سابقة فى حد ذاتها عظيمة ، و لكنه فى النهاية لن يسمح طبعا بضغوط قوية من هذه الدول بفتح و الخوض فى هذا الملف لانه سوف يفتح أبواب جهنم عليهم و معظمهم دول نووية و ليس هذا اوان حروب المياه رغم أنها أتية لا محالة و لكننا بصدد الحروب التجارية و الاقتصادية بين القطبين العالميين الولايات المتحدة و حلفاءها و التنين الصيني و حلفاءه .

و ما دخل إثيوبيا و سد النهضة فى هذه الحرب العالمية ؟!
.. ليست إثيوبيا وحدها هي الهدف بل القارة الافريقية مجتمعة سوف تكون ميدان الصراع و المعارك القادمة بين هذه الاقطاب بواسطة دول أخري . فى الماضي كان الصراع علي الشرق الاوسط و القارة الافريقية بسبب الموارد و تم تشكيل الخريطة العالمية و وزعت فيها الادوار علي الدول و تم تقسيمهم حسب قواهم و من ثم بات العالم و اقاليمه و حتي المدن داخل الدول تقاس مراكز قواها علي عدة اساسيات اقتصادية و سياسية و اجتماعية و علمية و ثقافية و غيرها من المقومات و مدي تأثيرها و امتداده اقليميا و عالميا ، و تركزت القوي هذه او معظمها فى الجانب الغربي و الشمالي من الكرة الارضية و ظلت افريقيا فى الجانب الضعيف دائما و الذى يتركز فيه الثلاثي المعروف بالفقر و الجهل و المرض ، الي ان صعدت النمور الاسيوية و اصبح الشرق ذو أهمية كبيرة في تغيير و تشكيل العديد من الاعتبارات فى العالم و على رأسه الان الصين .
أما الأن هناك توجه بتغيير مراكز القوي العالمية هذه و تحويل الدول الصغري و الضعيفة الي كبري و لكنها ستظل فى حقيقتها أداة فى يد الدول و القوي الكبري تستخدمها متي تشاء و فيما تشاء و من بينهم إثيوبيا ليس فقط عن طريق السدود و لكن عبر خلق امكانات اخري لها و مقومات اخري هي و غيرها من الدول و من بينهم السودان و جنوب السودان و كل دول حوض النيل مجتمعة ، حتي يتم سحب البساط و اسباب القوة التى كانت تتمتع بها مصر و مثلما حدث فى العراق و سوريا فى محيطهم و ليبيا فى افريقيا و تأثيرها القوي و الملموس الذي وصل لحد العملة الافريقية المشتركة مثل اليوروو الجيش المشترك مثل الناتو مما جعل القوي الكبر تتكتل من اجل القضاء علي ليبيا و أذنابها بأي ثمن .!!!

و هل هناك دور لإسرائيل ؟
.. بالطبع ، إسرائيل لم تغب و لن تغب عن المشهد بل و سبقت الجميع منذ إدعاء ان احد أبناء ملكة سبأ في اليمن الذي كان إمبراطور فى إثيوبيا هو إبن النبي سليمان عليه السلام حسب روايتهم ، جعلهم يعتبرون إثيوبيا أرضهم الثانية المفقودة و من ثم باتت هدفا واضحا و جليا لهم علي مر العصور ، هذا من الناحية التاريخية و ارتباطهم الروحي المزعوم كمبرر لوجودهم خاصة مع يهود الفلاشا . أما فى اوائل القرن العشرين ووجود جولدا مائير من سنة 1929 هناك فى اعالي النيل قبل أن تصبح حتى رئيسة وزراء لاسرائيل و تليها البعثات التبشيرية و المشروعات الانسانية المشتركة و حصول الالاف من الاثيوبيين علي الجنسية الاسرائيلية و هجرتهم لارض الميعاد خلال الفترة التاريخية الوسيطة .
أما بعد نتنياهو الذى كثف جولاته المكوكية فى كل انحاء القارة الافريقية و قال أنه أول رئيس وزراء اسرائيلي تطأ ارجله القارة منذ أكثر 30 عام بعد حادث أوغندا (عنتيبي) و إغتيال أخيه فى عملية مخابراتية و مقاومة أعضاء حركة المقاومة الفلسطينية هناك ، بات التفكير علي نطاق أكبر و أوسع وصل الي حد حصول إسرائيل علي عضوية الاتحاد الافريقي كمراقب سنة 2018 من اجل تكثيف الجهود المقاومة للسلطة الفلسطينية التي كانت حصلت على نفس العضوية من 2005 و هو الامر الذى اكسبها تعاطف و تكاتف الشعوب الافريقية مع القضية و مساندتها فى المنتديات العالمية و على رأسها الامم المتحدة ، إلا أن إسرائيل تقدم للشعوب و الدول الافريقية ما لم تستطع السلطة الفلسطينية تقديمه .

و ماذا تقدم إسرائيل للشعوب الافريقية لا تستطيع غيرها تقديمه ؟
.. إسرائيل ليست وحدها فهي تستفيد و تفيد أولا الدول الكبري و علي رأسها الولايات المتحدة و الاتحاد الاوروبي ، و تفيد الدول الافريقية و الحكومات كما سأشرح لك ، كما انها تفيد كيانات اقتصادية صهيونية تحقق أهداف توسعية و تكتسب بها ولاء و إيمان الشعوب الافريقية و خضوعها قبل الانظمة و بالتالي تكتسب تأثير و نفوذ جيوسياسي و مع الوقت يصبح لها كلمة عليا فى القرار الدولة من شماله لجنوبه و شرقه و غربه .

و فى تصورك ، ما هي هذه السيناريوهات التى تقودها اسرائيل و غيرها ؟
.. كما ذكرت فى الحلقة 2 من الحوارات حول ازمة سد النهضة أن هناك مثلث خطيروهو ” الماء و الطاقة و الغذاء ” هو ما سيشكل العالم القادم و توزع على أساسه الادوار ليس فقط على الدول الكبري و الصغري بل و الكيانات الاقتصادية و الافراد كما سأذكر فى افريقيا و بالتحديد فى حوض النيل .
علي سبيل المثال
( سيناريو الطاقة ):
لدينا فى افريقيا عدة مصادر لتوليد الطاقة و هي الشمسية و الكهرومائية عن طريق السدود و الرياح و الهيدروجينية من الشمسية و الغاز و البترول ، الولايات المتحدة كانت من اولي الدول التى قامت بعمل أبحاث واسعة النطاق بالتعاون مع علماء اسرائيليين و انتهوا جميعا تحت رعاية الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب الي انشاء كيان مستقل عام 2017 تحت مسمي ” باور افريقيا ” و يهدف الي إنارة القارة الافريقية جميعها بمختلف مصادر الطاقة النظيفة و المتجددة و غيرها ، و هو هدف لم يكن وليد العشر سنوات الماضية ووجود نتنياهو فى السلطة من أجل تفعيله ، و لكنه ممتد إلى 1958 كمشروع بديل لمشروع السد العالي الذي كانت مصر بصدد إنشاءه و إستخدام إثيوبيا كسلاح فى وجه و مقاومة إمتداد القوي و النفوذ المصري فى القارة و عمقها و هو ما لم تتخلي عنه الولايات المتحدة و قوي الدولة العميقة الصهيوامريكية و الانجليزية المترامية حتي الان .و على الرغم من ان إنارة افريقيا هو احد اهداف بنك التنمية الافريقي القوية و الاصيلة ، إلا ان هناك إختراقات و إغراءات شديدة لأنظمة الحكم الافريقية تجعلها تفضله و في بعض الاحيان بالتعاون مع البنكين الافريقي و الدولي و غيرهم .
بناء على ما تم نشره فى صحيفة ” افريقيا كوارتز ” الاقتصادية و تحت عنوان ” شالوم افريقيا ” فى عام 2017 :
تتلخص الاتفاقية الامريكية الاسرائيلية مع الدول الافريقية و تحديدا دول اتفاقية ” الايكواس ” الاتحاد الاقتصادي لدول غرب افريقيا و لكن الاتفاقية الامريكية الاسرائيلية امتدت لتشمل شرق افريقيا و تحديدا الدول المطلة على حوض النيل .
تم توقيع الاتفاقية في دسمبر 2017 قبل ان تنضم اسرائيل كمراقب فى الاتحاد الافريقي و الايكواس و تليها الاتفاقية الابراهيمية مع السودان اي ان كل شيء محسوب و مخطط و معد بالسنة و اليوم . بذل ديفيد فريدمان السفير الامريكي فى اسرائيل ووسيط نقل السفارة الي القدس كخلفية عنه جهود مكثفة هو ووزير الطاقة الامريكي من أجل ابرام الاتفاق بين كل هذه الاطراف بقيمة 7 مليار دولار إمتد العمل بها منذ نهاية عهد الرئيس الاسبق اوباما من أجل توصيل الكهرباء ل 60 مليون منزل في انحاء افريقيا بحلول 2030، يتم تنفيذ هذه المشروعات تحت رعاية الوكالة الامريكية للتنمية و من بين هذه المشروعات :
. توليد الطاقة الشمسية فى رواندا بسعة 8،5 ميجاوات و قامت بتنفيذها شركة انرجيا جلوبال التى تهدف الي استقلالية مشروعات الطاقة فى الدول الافريقية عن القرار الرسمي لهذه الدول و تمكين المرأة الافريقية من العمل في هذه القطاعات و تحقيق التنمية الاقتصادية .
. اقامة الوكالة الامريكية للتجارة و التنمية لمشروع لتوليد الطاقة فى مدينة مستقلة تقريبا للشباب فى رواندا تحت مسمى اسرائيلي ” أجهوزو شالوم “بسعة 6%و التى سوف تتطور فى المستقبل لتصل الي 1000 ميجاوات من مصادر الطاقة الشمسية و الرياح و الكهرومائية و السدود الصغيرة خلال الخمس سنوات القادمة يعني خلال الفترة التى نعيشها الان و التي نتوقع فيها بناء سدود اخري فى دول حوض النيل الاخري و ان كانت اقل حجما من سد النهضة و لكننا لا يمكن تجاهلها . و هنا يلفت نظرنا حتى من الاسم الذي تم اطلاقه على المدينة الشبابية فى روندا و اختيار الشباب تحديدا كما حدث في نيو صوماليا هو تعمد تهويد المدن و الاقاليم الافريقية علي غرار الفلسطينية بمعني أمتداد ذيول قضية الصراع العربي الاسرائيلي و الافريقي من الاراضي المحتلة علي شرق حدودنا الي جيرانا فى الجنوب و هو ما يوضح تعمد ربطنا بحزام اقتصادي و جيوسياسي و من ثم عسكري مع الوقت لتقويد قوتنا المصرية .
مستقبل هذه الاتفاقية التى تعد واحدة من عشرات الاتفاقات التى تمت بين الدول الافريقية و اخري غربية و كيانات اقتصادية و شركات هو :
. اقامة 82 مشروع فى دول الساحل و الصحراء تحت الرعاية الامريكية لتوليد 7،351 الف ميجاوات من بينهم 2،043 تم توليدهم بالفعل فى دول رواندا و غانا و كينيا و اثيوبيا و اوغندا .
. سوف تقوم شركة امريكية اخري تسمي ” سو انرجي ” بتوليد 2،2 ميجاوات كيا عن طريق الطاقة الكهرومائية .
. تقيم الوكالة الامريكية للتنمية 800 مشروع لتوصيل الطاقة بسعة 75 الف ميجاوات
. اعلن وزير الطاقة الامريكي بيري فى عهد ادارة ترامب و زوجته ان بلاده بصدد استخراج البترول و الغاز الطبيعي من دلتا النيجر التى سبق و ان وصفتها كونليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية فى عهد جورج بوش الابن و أوباما ” بمخزن الاجيال القادمة ” و تعني الطاقة ، و هو ما ينم عن أنهم فى غاية اليقظة و التخطيط لنا جميعا منذ قديم الازل علي اساسيات علمية و بحثية و ليست عشوائية او امنيات فقط.
. تبادل الغاز السائل بين النيجر و الولايات المتحدة التي سوف تعيد تصديره للدول الافريقية بعد اسالته يعني ” تفيد و تستفيد و لا تستنفذ الولايات المتحدة مخزونها القومي من البترول و الغاز مع استغلال الاخر “.
. (اثوبيا) : تعد وكالة ” باور افريقيا ” التى قامت بانشاءها الولايات المتحدة و اسرائيل دورا خطيرا لاثيوبيا لن تكون فيه وحش للطاقة و تصديرها اليهم عن طريق بطاريات الطاقة فحسب ، بل سوف يجعلوها تبيع الكيلو وات بارخص سعر عالمي لا يتعدى 0،10 سنت و داخل الاراضي الامريكية 4،5 سنت اي ارخص من سعر الكهرباء داخل الولايات المتحدة نفسها ، بالاضافة الي تعريفة خاصة بدول الساحل و الصحراء تصل الي 0،58 سنت اي انهم ارخص من تعريفة مصر التى اعلنت عنها فى 2017 ة البالغة 0،47 سنت و هو ما يعد ضرب فى مقتل لاسعار الكهرباء و الطاقة التى تقوم مصر بتصديرها لدول العالم ، على الرغم من أن المشروع يمنح الحكومات حصص و لو ضئيلة من هذه التعريفات لتكون مصدر للخزينة العامة فى كل دولة .
. ترعي شركة ” ايلات ايلوت الاسرائيلية ” ابحاث التنمية ووضع خريطة للطاقة المتجددة فى افريقيا و العالمة مع توزيع تكنولوجياتها عبر الاقاليم من خلال مركز الدراسات ” هامان بيتا ” .
. و هناك هدف رئيسي خطير و هو تحسين صورة اسرائيل الذهنية لدي الدول و الشعوب الافريقية التى كانت تعاديها نظرا لقضية احتلالها للاراضي الفلسطينية و التى كان الافارقة يتعاطفون مع اخوانهم الفلسطينيين نظرا لتشاركهم نفس التاريخ الطويل من الاحتلال و القهر ، بالاضافة الي تركيز اسرائيل علي دولة غانا اتي يوجد بها اكبر عدد من السكان المسلمين على مستوي القارة من أجل تعاطفهم مع اسرائيل و مساندتهم مع اخوانهم من الدول اثناء طلبات التصويت على قرارات الامم المتحدة .

و ما هو السيناريو الثاني ؟
.. السيناريو الثاني هو( المياه ):
كان مجلس دول الاطلنطي و مركز سانديا للابحاث البيئية و الثروات الطبيعية اصدر تقريرا فى 2017 بعنوان ” مشروع الامن المائي من الخليج الي النيل ” ، وضع هذا التقرير سيناريو مستقبل استغلال المياه العذبة فى الدول العربية و الافريقية تتحقق بعض ملامحه الان كالاتي :
. يشمل المشروع دول مجلس التعاون الخليجي الست و معهم مصر و سوريا و العراق و الاردن و اثيوبيا و السودان و جنوب السودان و معهم تركيا ، و تم اختيار هذه الدول لانها تطل على اطول و اعذب الانهار فى العالم و بالتالي فهي تمتلك تحقيق الامن المائي بنسبة 80% ، بالاضافة الي ابار المياه الجوفية التى توجد حتي فى الجزيرة العربية مع اكبر مخزون من النفط و الغاز الطبيعي مما يضمن ايضا امن الطاقة للعالم . و ذكر التقرير ان اصل الحروب الدائرة فى العراق و سوريا و اليمن هي في الاصل حول المياه و التى تعد من اهداف تنظيم داعش الاستراتيجية و هي السيطرة على منابع المياه العذبة كأحد الاسلحة التاكة و التهديد بنسف السدود اذا لزم الامر و بيع المياه كما بيعهم للاثار و النفط و غيرها من الثروات الطبيعية.
. و بناء عليه وضع الباحثان بيتر انجليكي و هيوارد باسل تصور و توزيع للادوار التى سوف تلعبها كل هذه الدول المذكورة ، علي سبيل المثال سوف تقوم دول التعاون الخليجي بالانفاق علي تقل تكنولوجيا تحلية المياه ( التى تتصدره اسرائيل و تعرض خدماتها فيه على الدول الافريقية من بينهم السودان و جنوب السودان و اثيوبيا و باقي دول حوض النيل ) ، تطوير تكنولوجيا و ادوات الري و اعادة تدوير مياه الصرف ( تحققها مصر بالتعاون مع بنك التنمية الافريقي حاليا ) ، استخدام مادة الميثان التى تتولد من ري النباتات من مياه الري المعالجة من أجل توليد الطاقة ، و استخدام مخلفات الزراعة فى تخصيب التربة الزراعية بدلا من انتظار الطمي الذي يتولد من فيضانات الانهار و الذ سوف يقل نظرا لكثرة بناء السدود على ضفتي الانهار ، انشاء نظام ري مشترك لكافة الدول كما هو الحال بين دول الخليج الست يركز على الري المغطي تجنبا لتبخر المياه من شدة الحرارة (مصر قامت بتنفيذ هذا النظام فى بعض الاماكن ) و التوجه لزرع اسطح المنازل بالمحاصيل المنتجة لتحقيق الاكتفاء الذاتي .
. كما يضع التقرير السيناريو المتوقع تحقيقه فى المستقبل و هو خصخصة المياه او رفع الدعم عم المياه لجعل و تشجيع الغالبية على ترشيد استهلاك المياه نظرا لتكلفتها العالية .
. أما فيما يتعلق بحوكمة المياه خلق ما يسمي ” بالدبلوماسية المائية ” و ان يصبح هناك مفوضية للمياه و سفير للمياه فى كل بلد من هذه البلدان و المنظمات الدولية ، من اجل قيامه بعقج الاتفاقات و تبادل المياه فيما بينهم . حوكمة اماكن منابع المياه و احواض الانهار و المصبات عن طريق الاتفاقات و وجود لجان من اجل ادارة و تقسيم حصص المياه فيما بين هذه الدول و باقي الاطراف ، بل و اقامة بورصة عالمية للمياه تقوم الدول العربية و غيرها و بالطبع من بينها اثيوبيا التى تمتلك اكبر احتياطي مائي عذب فى العالم بوضع تسعيرة للمياه و تسعير اسهمها و هو ما يعتبره التقرير احد مصادر الدخل القوية للحكومات .
. انشاء نظام ري مرن يستجيب للكوارث الطبيعية و التغيرات المناخية بالاضافة الي الصراعات بين السكان و الشعوب التى قد تنشاء فيما بينهم و لكنه أمر يحتاج الي تكاليف عالية و التى غالبا ما تحتاج الي قوات عسكرية شبيهة بقوات حفظ السلام و هو ما لا يستطيع تحقيقه سوى تعاون دول مجلس التعاون الخليجي الست بالانفاق و الاستثمار فى ضمان حفظ الامن المائي العالمي و هو ما يتوقع التقرير ان يحقق السلام بين الدول العربية و بعضها البعض و جيرانها و غيرها من الدول ” فى اشارة لاسرائيل و ايران و تركيا ” و هو الامر الذي لم تتمكن قوة السلاح من تحقيقه . !!
و هنا استطيع ان اقول المثل المشهور ” اللبيب بالاشارة يفهم ” لان هذا التقرير الذي من المفترض ان تم اعداده فى احد مراكز الدراسات غاية فى الاهمية لدول الاطلنطي مجتمعة و الاتى تساعدهم بل و تشارك اصحاب القرار فى اتخاذه لا يمكن الاستهانة به لانه فى راي المتواضع هو سيناريو مستقبلي لما سيكون عليه الوضع بعد اقل من 5 سنوات .

و ما هو السيناريو الثالث ؟
.. السيناريو الثالث هو ( الغذاء ) حتى يكتمل الثلاثي المرعب لمستقبل العالم
كما قلت فى مستهل حديثنا أن هناك اعادة توزيع لخريطة تمركز الثروات و القوي و تغيير توازن القوي العالمية و تغيير حالة استقرار الاوضاع التى تعيش فيها بناء على وجهات نظر العديد من الخبراء فى مراكز الدراسات الامريكية و الكندية من بينهم مركز ” جلوبال ريسيرش ” البحثي .
و هو ما ترتب عليه حتي اعادة تقييم تجربة الرأسمالية و الكوكبية أو الجلوباليزيشن و حتي اعادة مفهوم الامن القومي و العالمي و مدخلاته و مخرجاته بناء على الاوضاع العالمية الحالية .
. و بالتالي بعد ان كانت الدول الغربية الكبري و على راسها الولايات المتحدة و كندا و الاتحاد الاوروبي و نيوزلاندا و روسيا و بعض دول امريكا اللاتينية منتجين للغذاء على مستوي العالم اي انهم يمتلكون اكبر المساحات الصالحة لزراعة المحاصيل و كذلك توافر مياه الري الكافية ، الا ان التغيرات المناخية و ارتفاع التكاليف جعلت الخبراء و الحكومات تتجه أنتظارهم الي القارة الواعدة افريقيا و ذلك منذ عشرات السنوات و التى دخلت و تداخلت الولايات المتحدة و الاتحاد الاوروبي كل دولة على حدا و الصين و روسيا و حتي اليابان و اسرائيل بالطبع مع ايران و تركيا و تاخر العرب للحاق بالسباق كلهم يتطلعون الي اعادة استغلال الموارد الطبيعية البكر التي لا يوجد لها مثيل علي كوكب الارض و علي رأسها المياه و الاراضي الزراعية مصحوبة بعمالة رخيصة جدا و متوفرة .
. و هو ما ترتب عليه تكثيف الجهود من مجرد استغلال الموارد لتوليد الطاقة بأنواعها فقط ، بل امتد الي ادخال تكنولوجيا الري و تخزين المياه من أجل ري و زراعة الالاف الهكترات بالمحاصيل الزراعية الاقل تكلفة و حتي تستمر الدول الكبري فى تحقيق واحدة من اهم اسباب قوتها و هو أمنها الغذائي الذي باتت تبحث عنه حتي الدول العربية و اسرائيل التي جعلته هدفا استراتيجيا منذ حرب النكسة 1976 التى احتلت فيها هضبة الجولان و ما زالت تتمسك بها حتي الان ووادي الاردن و سيناء القدس و غيرها من الاراضي الفلسطينية من اجل حفظ امنها الغذائي و المائي و ضمان الارض من اجل زيادة السكان و استيعابهم .
.و مع استمرار هذه المقومات اهدافا تريد اسرائيل تحقيقه دائما علي مدي اوسع جيوسياسي بعد ان نجحت فيه علي المدي الاضيق بمحيطها المحلي الفلسطيني و الاقليمي في الاراضي السورية و العراقية و حتي التركية و منابع نهري دجلة و الفرات و الدانوب و الاردن و غيرهم من مصادر المياه العذبة . مما جعل اسرائيل تتخذ موقف المحايد من أزمة سد النهضة و السدود علي طول حوض نهر النيل من بعد ازالة رئيس وزراءها السابق بنيامين نتنياهو حتي لا تعرض نفسها للصدام مع مصر أو يعاود الصدام مرة اخري مع حماس نظرا لخلفيات معلومة .
. لم تعد أطراف اللعبة مجرد دول و حكومات فحسب بل امتدت لتشمل كيانات اقتصادية و مدنية و حتي اشخاص هم ايضا يلعبون فيها ادوارا معدة لهم مسبقا كما يلعبها الملياردير المشهور بيل جيتس و جمعياته المشتركة مع زوجته السابقة مليندا ، فقد ذكر موقع ” جلوبال ريسيرش ” أنه منذ 2003 حتي 2020 قامت جمعية جيتس بانفاق 6 مليار دولار علي ابحاث و مشاريع الزراعة و تطويرها فى انحاء العالم من بينهم 5 مليار دولار لقارة افريقيا وحدها ، و يكشف تقرير عن الشركات و الكيانات الخيرية و التى تعمل مع نظيرتها جيتس فى العمل العام و خدمة المجتمع من بينها مؤسسة روكفلر التى تمتلكها العائلة اليهودية الشهيرة ، و اللذان خصصا 638 مليون دولار منذ عام 2006 حتي الان من اجل استحداث اساليب جديدة فى الزراعة و تعليمها للفلاحين فى افريقيا و ترك الطرق القديمة ، الا ان التقرير يؤكد ان المنظمتين تقومان على تشجيعهم على استخدام المزيد من المبيدات الحشرية و البذور الهجينة و التكنولوجيا الحيوية و بدائل المكونات الغذائية لصالح شركات القطاع الخاص التى تحقق مكاسب تبلغ مليارات الدولارات ، مما يعتبره التقرير أنه تدخل سافر من بيل جيتس و غيره فى وضع قائمة و اجندة طعام و غذاء العالم ، و الذى تطور بدوره لان ينال حتي تصنيع و انتاج اللحوم و استبدالها بألياف مثل اللحوم بسبب استهلاك المواشي لمياه كثيرة جدا و هو ما يقودنا فى المستقبل للاستغناء عن اللحوم الحقيقية و تحويل معظم البشر الي نباتيين مع مرور السنين .
. و قد بدأ بالفعل جيتس و روكفلر فى خططيهما منذ الستينيات و السبعينيات من القرن الماضي حتي انعقاد منتدي الحوار رفيع المستوي من أجل إطعام افريقيا الذي عقد فى ابريل 2021 و الذي قام فيه جيتس بالتاثير على متخذي القرار فى 18 دولة افريقية .
و أن دل ما يحدث عل شيء فهو يدل على ان التخطيط كان قديما و بات يتحقق بهدوء حثيث الي ان ظهر للعلن و اصبحنا نعيشه و نلمسه فى مأكلنا و مشربنا و ملبسنا و نكتوي بناره فى الامراض التى اصابتنا مثل ارتفاع اعداد و نسب مرضي السرطان الذي لحق بالصغير و الرضع قبل الكبير و البالغين .

و أخيرا هل تخضع و توقع اثيوبيا الاتفاق مع مصر و السودان بشأن تنظيم و تخزين المياه فى سد النهضة؟
.. نعم سوف توقعه و لكن ليس الان ، سوف يجعلونا نتواكب مع كل ما ذكرته من تطورات و موجات عتالمية لا يمكن لنا مقاومتها بمفردنا تماما كما حدث مع الرأسمالية و اجبارنا نحن و الاخرين علي بيع اصول شركاتنا و مصانعنا حتي ناكل و نلبس من المنتجات المستوردة و نظل خاضعين و لا نملك قرارنا، ايضا مثل موجات الانترنت و اختراق امن و حدود الدول حتي باتت الانترنت شيء لا يمكن الاستغناء عنه و لو ليوم واحد على كل المسوتيات الفردية و المؤسسية و حتي السيادية فى كل دول العالم . و بعد مواكبتنا و خوض اشواط من الجدال و المفاوضات سوف يرتضي الجميع صيغة نهائية قد تتدخل لانجازها دول معروفة مثل الولايات المتحدة و غيرها فى العلن و قد تتدخل اسرائيل فى الكواليس حتي تتيح لنفسها اكبر قدر من تحقيق المصالح و الاستفادة التى قد تكون متوقفة على تحقيقها نظرا للالتزام الادبي لبعض الدول معنا الان ، امثال السودان التى كانت فى الاصل فى عهد البشير مشجعة لمشروعات السدود فى اثيوبيا و غيرها ة بالفعل كانت قد دفعت مبلغ 38 مليون دولار لشراء كهرباء سد النهضة مقدما بالمشاركة مع جيبوتي منذ أكثر من 7 سنوات ماضية .

 

 

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[ad 3]
[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 81663240
تصميم وتطوير