اعتراف علني بالتهديد الداخلي: خطاب أحمد خاتمي نموذجاً لتحول في استراتيجية البقاء
في ظل أجواء سياسية وأمنية متوترة، ألقى أحمد خاتمي، أحد أبرز وجوه المؤسسة الدينية للنظام الإيراني، خطاباً ملتهباً في مدينة ورامين، كشف فيه بشكل غير مسبوق عن حجم الرعب الذي يعتري النظام من المقاومة الإيرانية المنظمة، لا سيما “وحدات الانتفاضة” التي باتت اليوم حديث قادة النظام بعد سنوات من الإنكار والتشويه.
من إنكار الوجود إلى الاعتراف بالخطر
خاتمي لم يتحدث هذه المرة عن “مؤامرات أجنبية” فحسب، بل سمّى صراحةً ما وصفه بـ”الاضطرابات” التي تهدف إلى “الإطاحة السريعة بالنظام”، متهماً “المنافقين” – وهو المصطلح الذي يستخدمه النظام في وصف مجاهدي خلق – بالوقوف وراءها. هذا التحول في الخطاب يمثل اعترافاً ضمنياً ومباشراً بوجود مقاومة فعالة تعمل داخل إيران، ويعكس قلق النظام من تحول هذه المقاومة إلى تهديد وجودي حقيقي.
توصيف خاتمي لأساليب وحدات الانتفاضة، من كتابة الشعارات إلى توثيقها ونشرها، لم يكن إلا تأكيداً على أن هذه الخلايا المقاومة أصبحت جزءاً حياً من النسيج الحضري الإيراني، تعمل بصمت وتنمو في ظل القمع، وتضخ روح الأمل والتحدي في أوساط الشباب والمواطنين الناقمين.
وحدات الانتفاضة: معادلة جديدة في قلب الصراع
ما كشفه خاتمي لم يكن مجرد تفاصيل أمنية، بل هو توثيق لحالة تفكك جدار الرعب الذي بناه النظام طوال عقود. وحدات الانتفاضة، بمرونتها وتنظيمها وانتشارها، تُعيد رسم مشهد المواجهة داخل إيران. إنها ليست مجرد احتجاجات عابرة، بل مشروع تغيير طويل النفس، يستند إلى شبكات داخلية منظمة ومتصلة بمشروع مقاومة سياسي واضح المعالم.
أزمة شرعية تتخفى خلف خطاب “الولاية”
الجزء الأبرز من الخطاب جاء حينما حاول خاتمي الدفاع عن “ولاية الفقيه”، معتبراً إياها سبباً في بقاء النظام مقابل فشل الإخوان في مصر. غير أن تكرار هذا الخطاب بحد ذاته يعكس هشاشة داخلية عميقة، إذ إن أي سلطة واثقة من شرعيتها لا تضطر إلى تكرارها بهذا الشكل القلق.
هذا الإصرار المفرط على التأكيد بأن “النظام سيبقى”، يكشف عن قناعة داخلية لدى رأس النظام بأن التهديد الحقيقي ليس خارجياً، بل ينبع من الداخل الإيراني نفسه، حيث تتكاثف مؤشرات الانهيار وتشتد عزيمة الانتفاضة.
ما بين التخصيب والارتباك الاستراتيجي
حتى المواقف المتشددة التي عبّر عنها خاتمي بشأن الملف النووي، مثل قوله إن “التخصيب خط أحمر”، تبدو كوسيلة لإلهاء الرأي العام وصرف الأنظار عن الارتباك العميق داخل النظام. فحين ينهار الداخل، يلجأ الطغاة إلى التلويح بالقضايا الكبرى لتثبيت صورتهم المهزوزة.
الخلاصة: الرعب من الشعب وليس من الخارج
إن جوهر خطاب أحمد خاتمي ليس في كلماته المباشرة، بل في ما أفصح عنه دون أن يقصد: النظام يعيش حالة فزع حقيقية من المقاومة الإيرانية ووحدات الانتفاضة، ويشعر بأن لحظة الانهيار قد تقترب. كل ما قاله هو دليل على أن مشروع إسقاط هذا النظام لم يعد احتمالاً نظرياً، بل يتحول شيئاً فشيئاً إلى حقيقة حتمية تتقدم بثبات على أرض الواقع.
التعليقات