الأحد الموافق 04 - مايو - 2025م

انهيار المشروع الإيراني في سوريا: وثائق السفارة تفضح أحلام طهران الضائعة

انهيار المشروع الإيراني في سوريا: وثائق السفارة تفضح أحلام طهران الضائعة

 

كشفت وثائق سرية عُثر عليها في السفارة الإيرانية بدمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد عن حجم الطموحات الإيرانية في سوريا، والتي انهارت بالكامل مع هزيمة النظام الحليف. كان النظام الإيراني يخطط لتحويل سوريا إلى مستعمرة اقتصادية وقاعدة استراتيجية، مستلهماً خطة مارشال الأميركية، لكن هذه الأحلام انتهت إلى فشل ذريع.

خطة مارشال إيرانية… من الطموح إلى الفشل

أعدت إيران دراسة رسمية من 33 صفحة في مايو 2022، تضع تصورًا لاستثمار 400 مليار دولار في مشاريع بنية تحتية ضخمة في سوريا. ركزت الخطة على بناء محطات كهرباء، جسور سكك حديدية، ومشاريع نفطية وزراعية. لكن هذه الاستثمارات واجهت منذ البداية عراقيل ضخمة: الفساد المستشري في مؤسسات النظام السوري، البيروقراطية المعقدة، سرقة المعدات، وتغير شروط العقود بشكل مستمر. حتى المشاريع التي أُنجزت جزئيًا بقيت متوقفة أو تعمل بطاقة منخفضة بسبب نقص التمويل والصيانة. ومع سقوط الأسد، ضاعت معظم هذه الاستثمارات، ولم تستطع إيران تحصيل ديونها أو حماية موظفيها وشركاتها.

النفوذ العسكري والأمني: من التغلغل إلى الانسحاب

استثمرت إيران مليارات الدولارات في دعم الأسد عسكريًا، عبر إرسال ميليشيات الحرس الثوري وفيلق القدس، وتأسيس شبكات ميليشياوية محلية وأجنبية (فاطميون، زينبيون). كما أنشأت عشرات القواعد العسكرية، وزودت النظام بصواريخ وطائرات مسيرة، وجعلت من سوريا ممراً استراتيجياً للأسلحة إلى حزب الله في لبنان.

لكن مع تصاعد ضربات إسرائيل الجوية، وتزايد هجمات المعارضة السورية، باتت القواعد الإيرانية أهدافًا سهلة. ومع انهيار نظام الأسد، انسحبت القوات الإيرانية والمجموعات التابعة لها بشكل متسارع، تاركة وراءها وثائق وأسلحة ومعدات عسكرية، تم نهبها أو تدميرها.

البعد الثقافي والديني: مشاريع التشييع تحت الأنقاض

لم تقتصر طموحات إيران على الاقتصاد والعسكر، بل سعت أيضًا إلى تغيير الهوية الثقافية والدينية لسوريا. أنشأت الحسينيات والمدارس الدينية في مناطق استراتيجية، خاصة حول مقام السيدة زينب جنوب دمشق، وحاولت نشر التشيع بين السكان المحليين. كما قدمت منحًا مالية لعائلات إيرانية استوطنت في دمشق وحلب.

لكن مع سقوط الأسد، تعرضت هذه المراكز لهجمات وانتقامات شعبية، وتم نهبها أو إغلاقها. وأصبحت صورة المرشد خامنئي وقاسم سليماني ممزقة على أرضية السفارة الإيرانية في دمشق رمزًا لانهيار النفوذ الإيراني.

الفساد والعقوبات: عوائق قاتلة

واجهت الشركات الإيرانية في سوريا تحديات هائلة بسبب الفساد السوري وغياب الشفافية، حيث طلب المسؤولون السوريون رشاوى ضخمة لتسهيل العقود. كما منعت العقوبات الغربية التحويلات البنكية وأجبرت الشركات الإيرانية على التعامل بالنقد أو عبر وسطاء، ما أدى إلى خسائر إضافية. حتى شركة “مپنا” الهندسية العملاقة عانت من عدم دفع مستحقاتها، واضطرت لتمويل مشاريع ضخمة دون ضمانات.

محور المقاومة… من القوة إلى الانهيار

كان المشروع الإيراني في سوريا جزءًا من استراتيجية “محور المقاومة” الذي شمل العراق ولبنان وفلسطين. لكن مع سقوط الأسد، تعرضت هذه الشبكة لضربات قاصمة: إسرائيل كثفت هجماتها على مواقع الحرس الثوري وحزب الله، وقتلت عددًا من القادة البارزين. كما سارعت دول كتركيا وإسرائيل لملء الفراغ السياسي والعسكري في سوريا.

شهادات من الداخل: خسائر بشرية واقتصادية

أظهرت مقابلات مع رجال أعمال ومهندسين سوريين وإيرانيين حجم الخسائر: فقدان ملايين الدولارات في مشاريع متوقفة، وسرقة معدات، وفقدان وظائف لعشرات السوريين الذين كانوا يعملون مع الشركات الإيرانية. أحد المهندسين السوريين قال: “كانت إيران هنا، وكسبت رزقي منها لفترة، لكن كل شيء انتهى فجأة”.

نهاية الحلم الإيراني

أثبتت تجربة إيران في سوريا أن بناء إمبراطورية اقتصادية وعسكرية عبر الحروب والوكلاء محكوم بالفشل. تحولت سوريا من منصة للنفوذ الإيراني إلى مقبرة للطموحات، مع ديون ضخمة، مشاريع متوقفة، وعداء شعبي متزايد. سقوط الأسد كشف هشاشة التحالفات القائمة على المصالح المؤقتة، وأظهر أن الشعوب لا يمكن إخضاعها بالقوة أو المال. اليوم، تواجه إيران عزلة إقليمية وضغوطًا داخلية متزايدة، بينما بدأ السوريون رحلة إعادة بناء بلدهم بعيدًا عن التدخلات الأجنبية، حاملين جرحًا عميقًا سبّبته سنوات الاحتلال الإيراني.

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[ad 3]
[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

إعلان بنك مصر

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 81452432
تصميم وتطوير