حكومة التقنين والنهب… وصبر الشارع الإيراني على شفير الانفجار
في الوقت الذي يعيش فيه المواطن الإيراني بين فكي كماشة الأزمات المعيشية، أطلّت أزمة الكهرباء والوقود مجددًا لتشعل فتيل الغضب الشعبي في مختلف أنحاء البلاد. من طهران إلى آبادان، ومن مهرشهر إلى شهرري، عمّت الاحتجاجات الشعبية بين 2 و5 مايو 2025، رفضًا لانقطاعات الكهرباء المتكررة وغير المعلنة، واحتجاجًا على الزيادات الجنونية في أسعار الوقود والكهرباء.
ومن سوق الحديد وجامعة طهران الوطنية إلى شوارع برديس وكرج، ردد المواطنون شعارات “الموت لخامنئي” و”الموت للدكتاتور”، في تعبير صريح عن يأس شعب يرى نفسه ضحية لسلطة لا تهتم إلا بمصالح الحرس ومغامراتها النووية والعسكرية.
النظام من جهته، لم يرد سوى بالخديعة المعتادة: التسعيرة “الخطوة بخطوة”، تلك السياسة التي تُلبس النهب ثوبًا تدريجيًا تحت ذريعة “عدم صدمة الاقتصاد”. صحيفة آرمان الحكومية ذاتها، تحدثت عن زيادة تصل إلى 83% في تسعيرة الكهرباء، واعتبرت ذلك خطرًا على الأسر متوسطة ومنخفضة الدخل.
ولم يتوقف الأمر عند الكهرباء، بل إن تسعيرة البنزين باتت تنذر بكارثة جديدة. مع تطبيق نظام “ثلاثي التسعير”، يمكن أن يصل سعر اللتر إلى 20 ألف تومان، في وقتٍ لا يجد فيه المواطن قوت يومه. كل فرد بات مقيّدًا بسقف استهلاك يومي لا يتجاوز لترًا واحدًا، ومع تجاوز هذا الحد، يدخل في دوامة الأسعار الخيالية.
في ظل ذلك، تزداد أرباح مافيا حرس النظام الإيراني، الذي يسيطر على قطاع الطاقة، ويستغل منشآت الدولة في تهريب الوقود وتعدين العملات الرقمية، بينما تُظلم البيوت وتُفلس العائلات.
والأخطر أن النظام يعترف بنفسه، على لسان مسؤولين ونواب، بوجود شبكات تهريب ديزل منظمة تنقل ما يصل إلى 30 مليون لتر يوميًا من المصافي نحو الخارج، دون أن يتحرك أحد لوقف هذا النزيف. أما المزارع البسيط، فيُرمى باتهامات وهمية.
الاحتجاجات الأخيرة، والاعترافات العلنية، والتحذيرات حتى من داخل البرلمان، تكشف أن النظام يعيش تحت ضغط غير مسبوق. شبكته الإعلامية مرتبكة، وقراراته الاقتصادية لا تملك أي مشروعية شعبية.
المعادلة اليوم واضحة: شعب يُذبح باسم التقنين، ونظام ينهب باسم الحماية. وتحت هذه السماء المظلمة، يُصاغ مستقبل الغضب الآتي.
ما لم يتوقف مسلسل الانهيار والنهب، فإن ما نشهده ليس سوى فصل جديد من قصة انتفاضة لم تُكتب نهايتها بعد.