المقدمة

حتى خريف 2024، كان النظام الإيراني يعتمد بشكل مطلق على دعم بشار الأسد، وجعل من سوريا نقطة ارتكاز استراتيجية لمحوره في المنطقة. كانت السيطرة العسكرية والاقتصادية والاستخباراتية لطهران في سوريا تضمن نقل السلاح إلى حزب الله والسيطرة على معادلات الإقليم. لكن بعد 7 أكتوبر ومع موجة التحولات الجديدة، تغير الوضع في سوريا جذرياً.

1. سقوط بشار الأسد وانهيار بنية السلطة

في ديسمبر 2024، شكل سقوط نظام بشار الأسد وفراره إلى روسيا نقطة تحول في تاريخ سوريا والمنطقة. انهار الجيش والأجهزة الأمنية، واعتُقل أو فر كبار المسؤولين، وسيطرت قوى المعارضة على دمشق. لم تخرج سوريا فقط من دائرة نفوذ طهران، بل قُطع الطريق الاستراتيجي لدعم حزب الله وباقي الأذرع الإيرانية.

2. تراجع نفوذ إيران وفوضى إقليمية

مع سقوط الأسد، انسحب آلاف المقاتلين التابعين لفيلق القدس والميليشيات المدعومة من إيران أو بقوا في مناطق معزولة بلا تأثير فعلي. تعرضت القواعد والمخازن الإيرانية لهجمات جوية إسرائيلية، وتضررت الشبكات الاستخباراتية للنظام الإيراني بشدة. هذه التطورات أفشلت مشروع “الهلال الشيعي” الذي سعت إليه طهران لعقود، وغيّرت ميزان القوى الإقليمي لصالح خصوم إيران.

3. أزمة داخلية ومستقبل غامض

سوريا ما بعد الأسد تواجه أزمات إنسانية واقتصادية وسياسية عميقة. تتنافس قوى المعارضة والمجموعات المحلية على السلطة وإعادة الإعمار. تراجع دور إيران بشكل كبير، وتسعى روسيا وقوى إقليمية أخرى لملء الفراغ. أما الشعب السوري الذي عانى من الحرب والقمع والتدخلات، فينظر اليوم بأمل وحذر إلى مستقبل بلا دكتاتورية ولا نفوذ أجنبي.

الخلاصة

أدى سقوط الأسد وانهيار محور نفوذ النظام الإيراني في سوريا إلى تغيير جذري في معادلات المنطقة، ووجه ضربة قاسية لبنية القوة والردع في طهران. لأول مرة منذ عقود، أصبح النظام الإيراني بلا درع وكيل وتحت تهديد مباشر. وأثبتت التجربة السورية أن النظام الإيراني وأذرعه غير قابلين للإصلاح أو الاحتواء، وأن الحل الوحيد لإنهاء الحروب والأزمات هو إسقاط هذا النظام ونقل السلطة إلى بديل ديمقراطي شعبي.