أحمد جوده
كان يا ما كان .. هذه ليست قصة من الخيال و لكن واقعة حدثت لي زمان .. كنت في إحدي معسكرات العمل التابعة لوزارة الشباب و الرياضة و كانت اتفاقية غزة أريحا مجرد مشروع وجاء لنا دكتور من الجامعة ليلقي محاضرة في المعسكر و تحدث عن هذا المشروع و لم يذكر غير سلبيات و أذكر مما قال أن هذا يعتبر بمثابة عزلة سياسية و اقتصادية و إقليمية فالاتفاقية سوف تحصر الفلسطنيين بين مصر و إسرائيل بدون أي منافذ أخرى برية كانت أو بحرية وباللفظ – هذا ضحك علي الدقون – و كان ينصح بعدم قبول الفليسطنيين هذا – وكان كلامه مقنع – و في هذا الحين لم تفصح الجهات السياسية في مصر عن موقفها … و انتهي المعسكر وحيث أني كنت رئيس أسرة فقد انضممت إلي فوج المتميزين و كان الفوج التالي أي بعد أسبوع … و أفصحت الجهات السياسية في مصر ذلك الحين عن مباركتها للاتفاقية و أتى نفس الدكتور ليحدثنا عن مميزات هذه الاتفاقية و أنها فرصة .. ففجئت بما يقول ووجدت نفسي أقف و أذكر الدكتور بما قال الأسبوع الماضي في نفس المكان فأعطاني سيل من المبررات و الجدل فما كان مني إلا أني خرجت من المحاضرة قبل أن تنتهي . و كانت هذه المرة الأولى التي ألقى فيها المنحازين عن قرب وجها لوجه .. فهم موجودون بيننا من قديم الأذل في كل مكان حتى في المعارضة كان المنحازون موجودون ولأن الأحداث كانت بطيئة الرتم لم نشعر بهم أو نكشفهم ولكن عندما أتت ثورة 25 يناير انكشف هؤلاء المنحازون فبدؤا بالدفاع و التبرير و عندما فشلوا و سقط النظام .. انقسموا فمنهم من ظل علي موقفه و منهم من التزم السكوت و الترقب لينظر ماذا سوف يحدث و منهم من انقلب و تبرأ وادعي أنه كان ضحية و أن النظام السابق كان يتهضده … ومع مرور الوقت … ظهر وجها آخر من المنحازين و الكل أصبح من الثوار و تحدثوا كثيرا حتي أصبح عندي يقين أنهم هم أنفسهم صدقوا ما يقولون ثم عادوا مره أخرى واتحدوا و دخلنا مرحلة جديدة بمبدأ واحد ..- عدوك يتمنالك الغلط و حبيبك يبلعلك الظلط – ولأول مرة أصبح المنحازون من المعارضة القوية الناقضة للنظام … حتي سقط النظام التالي ودخلنا مرحلة جديدة وهي مرحلة التعصب الأعمى و تعدد المنحازين ولكل فريق له من المنحازين الذين ينتمون له و يبررون له و ينتقضون المخالف و دخلنا في مبدأ آخر جديد من ليس معي فهو ضدي و انقسمنا و أصبح المنحازون مرض معدي وصل حتي للبسطاء و توغل فينا فتجد في كل مكان الكل يتكلم و يجادل و يحاول أن يقنع غيره برأيه بلا جدوى … فيجب إن أردنا إصلاح هذا الوطن التخلص من ذلك المرض اللعين الذي أصابنا جميعا و يصبح الانحياز لصالح هذا الوطن و لا أرى هذا سهل المنال و لكني أيضا لا أراه مستحيلا .
التعليقات