الحلقة الرابعة ملخص كتاب (التاريخ الأسود للجماعة بين يهودية حسن البنا و ماسونية الإخوان)
د. ياسر حلمى الشاعر
رحلة جمال الأفغانى فى مصر يأتى الافغانى إلى مصر و يستقبله رياض باشا (رئيس الوزاراء فى ذلك الوقت) إستقبال جيد و سمح له فى الإقامة بالأزهر الشريف و قطع له راتب شهرى لمدى ثمانى أعوام, و يسكن الأفغانى فى (حارة اليهود!) وكان دائم التردده الدائم على مقهى البوسطة بالأزبكية.
و تبدأ مهمة الأفغانى فى مصر من الجامع الأزهر لينشر أفكاره عبر دروسه التى كان يلقيها فى أذان مستمعيه بطريقة جذابة, و قد تمثل إسلوب معيشة جمال الأفغانى فى مصرو طريقته فى الدعوة فى المبالغة فى إظهار الزهد و الورع المزيفين حتى إنه حتى لم يتزوج إلى أن رحل عن الدنيا. و يشتهر الأفغانى فى الأوساط الدينية بأفكاره الغريبة و الشاذة و الفتاوى الغريبة و العقائد المريبة والتى كانت بعيدة كل البعد عن الدين بحجة التجديد فتحدث حالة من الإثارة و الجدل, فيؤدى الجدل إلى إحداث خلخلة للعقيدة فى النفوس. فى طريقه لنشر دعوته قابل الأفغانى (محمد عبده),و الذى كان العون و السند الدائم له حتى أخر عمره و هو أيضاً من خلفه وحمل بعد موته راية هدم الدين, وهو أيضا الصديق الوفى لـ ( حسن عبد الرحمن أبو حسن البناء مؤسس جماعة أخوان المسلمين). والأمانة العلمية تقتضى أن نذكر أيضا أن الأفغانى كان نشيطاً جداً و دؤباً فى عمله فهو لم يترك فرصة لنشر أفكاره إلا و أغتنمها فقد قام بالكتابة فى المجلات الموجودة أيامها و قام ايضاً بإنشاء مجلة و كانت وسائل إنتشاره ناجحة لنشر فكره و أهدافه فمقالته التى كان يكتبها كانت عنصر فعال فى إحداث البلبلة المطلوبة و التى أستدعت بعضاً من علماء الأزهر للرد عليها بمقالات مماثلة فى صحف إخرى و هو ما أظهر الأمر كأنه سجالاً بين طرفين على حق للوصول لحقيقة المجردة,
و بالطبع إنحاز مفكرين و مثقفين وقراء عاديين كلاً حسب أهوائه لأحد الطرفين و هو الأثر الذى كان مطلوب إحداثه, و هذا ما أظهر الأفغانى بصورة المصلح و المجدد و حامى حمى الإسلام,. هكذا كانت إقامة الأفغانى فى مصر فهو مؤدى لمهام عمله بنجاح منتظراً أى تكليف أخر من رؤسائه ليؤديه.و لأن المصالح تتعارض أحياناً فيقوم الخديو توفيق (الماسونى ) بطرد الإفغانى من مصر و أيضاً نفى تلميذه و رفيق رحلته ( محمد عبده) إلى قريته بتهمة تكوين جماعة سرية هدامة للدين تتألف من الشباب ذوى الميول العنيفة الجماعة الماسونية. و قبل أن يغادر الإفغانى مصر لم ينسى أن يزكى تلميذه فيقول ” أترك لكم الشيخ محمد عبده فهو يكفي مصر بعلمه الدينى”.
الأفغانى ودوره فى تدمير الثورة العرابية :
كانت الروح القومية المصريه فى منتصف السبعينيات من القرن التاسع عشر فى أوجها بقيادة واحد من أخلص من أنجبتهم مصر وهو البطل الشعبى (أحمد عرابى), الذى تولى فيما بعد منصب وزير الحربية و قد أقترب الأفغانى, من العرابيين و أثر فى قادتهم بفكره الذى صبغه بالإطار الوطنى ليخفى حقيقة مقصده فى نسف الثورة من الجذور. و كانت الروح الوطنيىة بقيادة عرابى قد جاوزت حدود الجيش لتنتشر فى ربوع مصر الوطن و ينضم لعرابى أبناء الشعب المخلصين من جميع الطوائف ليقفوا صفاً واحداً فى وجه المحاولات البريطانية فى غزو مصر بحجة حماية الأقليات الأجنبية و الأقليات الدينية من المسيحيين المصريين أو الشوام و الأرمن أو غيرهم من باقى الطوائف ..
و هنا نسجل للتاريخ موقف الكنيسة المصرية الأرثوذكسية التى وقفت تماما فى وجه هذا التدخل معلنة إن أقباط مصر ليسوا طائفة و لا أقلية بل هم أصحاب وطن مثلهم مثل كل المصريين بإختلاف عقائدهم, و هو عكس ما فعله مسيحيون الشام من الترحيب بالغزو البريطانى, و هو دور الطابور الخامس الذى يسبق الجيوش المحتلة عادة ليؤدى دوره فى الغزو الإجتماعى و الثقافى للبلاد و أيضاً ليقوم بدور الدليل بعد ذلك للجيوش الغازية. نعود لعرابى و جيشه الذى وقف صفاً واحداً بشجاعة فى وجه القوات البريطانية, و لكن وكما فعل الأفغانى فى كل بلد حط بها, فعل مع الثورة العرابية فأتصل بالثورة و شجعها جهراً و حاربها سراً و إستمال بعضاً من رجالها, و نذكر هنا ان أحد أهم رجال عرابى اللواء محمد سامى البارودى هو الذى قام بدور عراب الخيانة فى قوات عرابى وقام بنقل خطط عرابى الحربية للإنجليز و أطلعهم على أوجه القصور فى القوات لتأتى الخيانة بما عجزت عنه أحدث الأسلحة, و نذكر أيضاً أن خطيب الثورة عبد الله النديم كان أيضاً من الذين خانوا الزعيم الوطنى أحمد عرابى. و من الأشياء ذات الأهمية التى يجب ذكرها تاريخياً أيضاً, أن القوات البريطانية كانت قد فشلت فى السابق فى غزو مصر لتعود محملة بالهزيمة فيما عرف تاريخياُ بحملة فريزر, أما فى الحرب ضد الجيش المصرى بقيادة عرابي فقد صنعوا الفارق عن طريق الأعمال الإستخبارية و التى توجت بخيانة رجال كبار الجيش المصرى (البارودى) و (النديم), و حتى لانكون قد تجنينا على أحد نذكر أن محمد سامى البارودى و عبدى الله النديم كانوا بالوثائق أعضاء فى المحفل الماسونى الذى أسسه الأفغانى. و تنتهى الثورة العرابية و تدخل القوات البريطانية مصر سنة 1882 وهى التى أستعصت عليها لعقود مضت, و نذكر هنا أن الأفغانى طرد من مصر سنة 1879 عبر ميناء السويس فى الليلة التى إنطلقت فيها المدافع البريطانية لضرب الأسكندرية. و ليتحقق هدف الأفغانى قبل مرور ثلاث أعوام على مغادرته مصر. قد يكون مستغرباً أن يكون لواء بحجم البارودى خائناً و لكن أتى اليوم الذى رأينا فيه رئيس جمهورية ( محمد مرسى) يعمل كموظف صغير فى مخابرات دولة معادية لبلده مقابل (لقب دكتوراه و وجبات عشاء من البط و الحمام المحشى).
التعليقات