الأحد الموافق 11 - مايو - 2025م

استثناء الجيش والشرطة والقضاء من “الحد الأقصى” يُهدر 16 مليار جنيه على الدولة

استثناء الجيش والشرطة والقضاء من “الحد الأقصى” يُهدر 16 مليار جنيه على الدولة

 

عماد عنان 

 

أثارت تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي حول تطبيق الحد الاقصى للاجور الكثير من الجدل داخل الاوساط الاقتصادية، مابين مؤيد لتطبيق هذا القانون على الجميع دون استثناءات وبين المعارضين له بزعم أن هناك مجالات لايمكن تطبيق الحد الاقصى عليها، وبالرغم من حالة التقشف التي أعلنها الرئيس الجديد، يجد المواطن المصري نفسه وحيدا من يدفع الثمن ويتكلف بمفردة فاتورة عبور مصر لمرحلتها، لذا ارادت ” البيان ” أن تستطلع أراء المتخصصين في تطبيق الحد الاقصى للاجور على الجميع دون أي اعفاءات، فليس من المنطقي أن يتنازل الرئيس عن نصف راتبه ويكتفي بـ 21 الف جنيه في الوقت الذي يتقاضى فيه موظفون اخرون أقل درجة من الرئيس مرتبات بالملايين شهريا؟ كما أنه ليس من المعقول ان يتحمل المواطن ارتفاع الاسعار في كل السلع لاجل مصر وغيره من رجال الاعمال وبقية الوظائف الراقية لايتحملون جزءا من المسئولية؟
قالت مصادر قضائية رفيعة المستوى إن القانون الذى أصدره الرئيس عبدالفتاح السيسى بإقرار الحد الأقصى لأجور العاملين بالدولة، هو أول تشريع يصدر فى مصر بعد إقرار دستور 2014 دون العرض على قسم التشريع بمجلس الدولة، وفقا للمادة 190 من الدستور التى تنص على اختصاصه بـ«مراجعة، وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية».

 

 

وأضافت المصادر أن قسم التشريع كان ينتظر وصول مشروع هذا القانون منذ إقراره فى مجلس الوزراء لمراجعته قبل إرساله لرئيس الجمهورية، إلا أن ذلك لم يحدث، مشيرة إلى أن «عدم العرض على القسم فى ظل الإلزام الدستورى بذلك يمكن أن يكون سببا للطعن على القانون أمام المحكمة الدستورية العليا»، موضحة أنه «لا توجد سوابق قضائية تحسم مدى دستورية القوانين التى لا تعرض على قسم التشريع؛ لأن دستور 2014 هو أول وثيقة دستورية تلزم الدولة بذلك».
من جهتها قالت مصادر اقتصادية أن ما يسمي الحد الأقصى للأجور “خدعة” تطبقها حكومة الانقلاب لتخفيض الأجور ، وأن هناك 7 فئات مستثناة من هذا القانون ، تتقاضي أكثر من نصف موازنة الأجور للدولة ، هي : القضاة والشرطة والبنوك والدبلوماسيين والاتصالات والبترول بخلاف الجيش، وتزامن هذا مع رفض هيئات قضائية إرسال كشوف بأجور العاملين بهذه الهيئات لتجاوز رواتبهم الحد الأقصى للأجور الذي أقره السيسي ، وتظاهر موظفي بعض البنوك وتعطيلهم العمل لرفضهم هذا القانون ، فضلا عن رفض وزارة الداخلية إرسال أي كشوف برواتب الموظفين للجهاز المركزي للمحاسبات ، حسبما أكد الجهاز بدعاوي أنهم يقاطعون الجهاز لرفض استبدال الفريق الحالي الذي يراقب موازنة الوزارة بفريق أخر تقبله الوزارة !.
وأكدت المصادر التي فضلت عدم ذكر أسمها إن إقرار الحد الأقصى للأجور على الجهاز الادارى للدولة (الجامعات والمحليات والهيئات الخدمية والوزارات) يوفر مليارى جنيه فقط للموازنة العامة ، وإن استثناء القضاء والشرطة والجيش والبنوك من الحد الأقصى يهدر فرصة لتوفير 16 مليار جنيه أخرى للخزانة العامة للدولة،موضحًا أن استثناء الجيش والقضاء والشرطة ليس عادلًا وليست هناك أسباب واضحة لإجراء مثل هذا الاستثناء .
واعترفت جيهان عبد الرحمن، القائم بأعمال رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة في تصريح صحفي : إنها أبدت موافقتها على إعفاء الدبلوماسيين من الحد الأقصى، كما ورد في نص القانون الصادر من رئاسة الجمهورية، والخاص بتطبيق الحد الأقصى للأجور ، وأكدت أنها ليس لديها علم عن تطبيق القانون على القوات المسلحة أو وزارة الداخلية من عدمه .
وتقول الأوساط الاقتصادية أن الاتصالات والبترول والبنوك والداخلية والجيش والقضاء والبترول والمخابرات ووظائف أخري ترفض هذا القانون ، ولن تمتثل له ، أو سوف تتحايل بإعلان كشوف تنص علي تقاضي رواتب 42 ألف جنية ، وكشوف أخري بمكافآت وحوافز وتخريجات وظيفية وأعمال أخري .
إذ أن رواتب القيادات بقطاع الاتصالات مثلا تتجاوز الحد الأقصى بمراحل ورواتب عدد من قيادات القطاع تتجاوز الـ200 ألف جنيه شهريا ، وراتب الرئيس التنفيذي لإحدى الجهات التابعة لوزارة الاتصالات يتراوح بين 600 و 700 ألف جنيه سنويا، وكذا رواتب أغلب القيادات بالقطاع ، وخفض الرواتب للحد الأقصى المعلن 42 ألف جنيه شهريا سيواجه باعتراضات من العاملين بالقطاع خاصة أن وزير الاتصالات عاطف حلمى سبق أن طلب من محلب استثناء القطاع من تطبيق الحد الأقصى للأجور.
وقد أرجع مصدر قضائي بوزارة العدل، رفض مجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة تزويد الجهاز المركزي للمحاسبات بالبيانات الخاصة بأجور العاملين بهذه الهيئات، لتجاوز رواتبهم الحد الأقصى للأجور الذي أقره رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي.
وأوضح المصدر، أن معظم مستشاري مجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة يتم انتدابهم للعمل بالوزارات والهيئات المختلفة، مشيرا إلى أن رواتبهم فى هذه الحالة تتجاوز الحد الأقصى للأجور المحدد وفقا بـ 42 ألف جنيه.
ونوه المصدر إلى أن مستشاري هيئة قضايا الدولة ومجلس الدولة يرفضون تطبيق الحد الأقصى للأجور عليهم، موضحا أنهم رفضوا تزويد الجهاز المركزي للمحاسبات بتفاصيل أجورهم .
من ناحية أخرى، فإن مديري الأمن والمصالح ومساعدي الوزير ومديرو المباحث، هم الشريحة المرشحة لتطبيق الحد الأقصى عليها، حيث تتراوح رواتبهم بين 50 ألفا و400 ألف جنيه، وتعد رتب الصف الأول بالداخلية هى الوحيدة المتضررة من مقصلة الأقصى للأجور، بينما لم يعتر رواتب وشرائح بقية الضباط أى تغييرات، مما يعنى بدوره استمرار حالات التباين بين ضباط الأمن العام البالغ عددهم نحو 29 ألف ضابط من جهة، وبين ضباط الإدارات المتخصصة مثل شرطةش الكهرباء والتهرب الضريبى والحراسات الخاصة والنقل والمواصلات.
مصدر أمنى رفيع المستوى قال إن مدير الأمن من المفترض أنه يتقاضى من وزارة الداخلية 8 آلاف مرتبا أساسيا، بالإضافة إلى حافز وزير قدره 10 آلاف، مضافا إليه حافز تميز يتراوح بين 8 و10 آلاف جنيه طبقا لتقديرات الوزير، لافتا إلى أن مدير مصلحة السجون على سبيل المثال يحصل بالإضافة إلى راتبه على نسبة من إنتاج مصانع المصلحة من الأخشاب والأثاث والأحذية ومزارع الماشية، تضاف إلى راتبه الذى قد يصل من 200 إلى 300 ألف جنيه شهريا.
كما كشف المصدر الذي رفض ذكر اسمه أن راتب وزير الداخلية -شاملا كل المسميات المالية- 2 مليون جنيه شهريا، بالإضافة إلى حصوله على أموال سائلة تحت تصرفه للإنفاق منها على بنود خاصة بالوزارة، مثل الدواعى الأمنية والمكافآت والمأموريات والنفقات الخاصة، التى لا تخضع لرقابة «المركزى للمحاسبات»، وتصطدم إشكالية تطبيق الحد الأقصى مع التعامل مع المنابع التى يحصل منها الوزير على راتبه فى شكله النهائى.
من جانبه وصف صلاح جودة الخبير الاقتصادي، قرار الحد الأقصي للأجور الذي أعلن عنه منذ حكومة الببلاوي “هو مجرد خدعة للشعب المصرى وهو قرار سياسى قبل أن يكون إقتصادى فى المقام الأول ” .
وأوضح جودة فى تصريحات صحفية أن القرار يستثني تقريبا كل الفئات المفترض تطبيقه عليها مثل شركات قطاع الأعمال العام وقطاع الأعمال والهيئات الاقتصادية والبنوك العامة، مثل قناة السويس والبترول والسكة الحديد والبريد وشركات التأمين، إضافة إلى أنه لن يطبق على البنوك والكوادر الخاصة مثل الشرطة والجيش وغيره .
وأضاف “القرار يطبق على الجهاز الإداري للدولة والمحليات البالغ عددهم 8600 موظف فقط دون أن يشمل العاملين بالحكومة، المقدرين بحوالي 5.5 مليون موظف بما يعادل نحو 22% من حجم قوة العمل ، وتطبيق الحد الأقصى للأجور على كافة العاملين بالقطاع الحكومي بالدولة بلا استثناء، يوفر 5 مليارات جنيه من إجمالي 180 مليار جنيه”
وفي سياق متصل قال الصحفى جمال طايع نائب رئيس تحرير روز اليوسف أن مرتب مدراء البنوك يصل إلى 33 مليون جنيه سنويا شامل المرتب وما فى حكمه، كما كشف أن إجمالى مرتبات رؤساء البنوك فى مصر والبالغ عددها 39 بنكا، إلى 80 مليار جنيه
من جانبه أشار عمرو طنطاوى مدير عام بنك مصر إيران، إلى اختلاف قيمة المرتب بين البنوك الحكومية والخاصة والاستثمارية، طبقا للخبرات والأعمال الملزم بتنفيذها، ومتطلبات السوق خلال الفترة الأخيرة، وما لحقه من تقدم تكنولوجى لزم وجود كفاءات ذات قدرات معينة، بما يحقق مكاسب وأرباحا للمساهمين،لأن البنوك عصب الاقتصاد فى أى دولة، ونوه طنطاوى عن أهمية الجهاز المصرفى وخطورته الاقتصادية، وأرجع السبب فى التقدير المالى للقائمين عليها بالشكل الملائم، وكذب الأرقام التى نشرت بشأن مرتبات رؤساء البنوك
فيما طالب الدكتور جمال زهران عضو مجلس الشعب السابق، بضرورة وجود لائحة عامة يحدد على أساسها أجور رؤساء البنوك، حتى لا يخضع لأهواء القائمين على البنك. مع وضع حد أقصى لأجور رؤساء البنوك، وفسر المبالغ العالية أنها نتيجة لغسيل الأموال عبر البنوك وتهريب أموال المخدرات، موضحا أن حجم الأموال المهربة تتجاوز 600 مليار جنيه.
وأعرب زهران عن عدم دهشته عن خسارة بعض البنوك فى حين تزداد أجور العاملين فيها, مستشهدا ببنك القاهرة الذى يصل صافى مرتبات العاملين فيه إلى 103%, وبنك مصر الذى زادت الأجور به بنسبة 14,4% مقابل متوسط نصيب العامل 107 آلاف جنيه، وهذا لا يتفق مع زيادة الأرباح.

 

الجدير بالذكر أن الدكتور عاطف عبيد رئيس الوزراء السابق ورئيس المصرف العربى الدولى، كان يتقاضى راتبا شهريا يقدر بنصف مليون دولار, وحسن عبد الله رئيس البنك العربى الأفريقى الدولى، يحصل على 18 مليون جنيه سنويا.
جدير بالذكر أن موظفي البنك الأهلي قاموا بإغلاق أبواب الفرع الرئيسي للبنك بشارع شريف في وسط القاهرة، الاسبوع الماضي ، ومنعوا العملاء من إنهاء أعمالهم داخل فرع البنك، معلنين دخولهم في إضراب عن العمل، اعتراضًا على قرار الحكومة بتطبيق الحد الأقصى للأجور ، واحتشد عملاء البنك أمام مقر الفرع في انتظار تدخل مسئولين لفض الإضراب وقضاء مصالحهم .
ويبقي السؤال الاخير الذي يطل برأسه يبحث عن إجابة، هل يقوى السيسي وحكومته ونظامه على فرض الحد الاقصى على الجميع بما فيهم رجال الشرطة والجيش والقضاه ورؤساء البنوك حتى يشعر المواطن أن الجميع أمام القانون سواسية؟ أم يبقى الوضع على ماهو عليه ويظل المواطن الغلبان فقط من يتحمل كافة التكاليف وبدماءه وعرقه يدفع فاتورة أي نظام؟…هذا ماستجيب عنه الايام القادمة

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[ad 3]
[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

إعلان بنك مصر

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 81595260
تصميم وتطوير