في تطور جديد ومثير للقلق، كشف المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية يوم الثلاثاء 20 حزيران 2025 عن مشروع نووي سري يحمل اسم “مشروع الكوير”، الذي يُعتبر امتداداً وتطويراً لبرنامج “آماد” الذي أعلن النظام الإيراني عن نهايته عام 2003. هذا المشروع بدأ عام 2009 بأمر مباشر من المرشد الأعلى علي خامنئي، ويتركز في منطقة الكوير بمحافظة سمنان وسط إيران، حيث يُغطى بأنشطة تصنيع صواريخ فضائية، لكنه في الواقع يهدف إلى تطوير أسلحة نووية سرية.
تفاصيل المشروع وأبعاده السرية
وفقاً للمعلومات التي قدمها المجلس، تم نقل ما يقرب من 400 خبير من منظمة الطاقة الذرية إلى وزارة الدفاع الإيرانية للعمل على هذا المشروع السري، الذي يشمل مواقع عدة مثل إيوانكي، نور الدين آباد، شاهرود، وسمنان، والتي تعمل تحت غطاء “أمن الكوير”. من أبرز مكونات المشروع استخراج مادة التريتيوم، وهي مادة نادرة تستخدم لتعزيز قوة الرؤوس النووية، ولا تستخدم في الأغراض السلمية، مما يؤكد الطابع العسكري لهذا البرنامج.
كما كشف المجلس عن وجود منشأة سرية أخرى تُعرف بـ”موقع قوس قزح”، والتي ظلت تعمل لأكثر من عقد من الزمن تحت غطاء شركة كيميائية، وكانت مهمتها الأساسية إنتاج واستخراج مواد نووية حساسة. هذه المعلومات تعكس عمق شبكة التستر والتضليل التي يعتمدها النظام الإيراني للحفاظ على سرية أنشطته النووية.
المتحدثة باسم المجلس، سونا صمصامي، أكدت أن النظام الإيراني لم يتخلَ عن هدفه في امتلاك السلاح النووي، وأن سياسة التستر والتضليل مستمرة رغم الضغوط الدولية، مطالبة المجتمع الدولي بتفعيل آلية الزناد وفرض عقوبات صارمة على النظام. وأشارت إلى أن الحل النهائي يكمن في إسقاط هذا النظام عبر مقاومة شعبية منظمة، معتبرة أن استمرار سياسة المهادنة الدولية قد سمح للنظام بمواصلة أنشطته السرية.
ردود النظام الإيراني والمواقف الدولية: مواجهة متصاعدة
في مواجهة هذه الاتهامات الخطيرة، نفى إسماعيل بقائي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، صحة هذه الادعاءات، واعتبرها تقارير سياسية غير بناءة تهدف إلى تشويه صورة إيران دولياً. خلال مؤتمر صحفي عقد يوم الاثنين 19 حزيران 2025، أكد بقائي أن إيران تواصل التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأن برنامجها النووي سلمي بالكامل. لكنه حذر من أن أي قرار سلبي من مجلس الحكام ضد إيران سيقابل برد فعل قوي ومتوازن من قبل طهران.
كما انتقد بقائي غياب الرد الأمريكي على مقترح التفاوض المباشر مع إيران، معتبراً أن التغير المستمر في مواقف واشنطن يعقد عملية التفاوض ويعرقل الحلول الدبلوماسية. وأكد أن إيران لا تعتمد على المفاوضات كأداة لإدارة شؤونها الداخلية، وأنها مصممة على حماية مصالحها الوطنية بكل الوسائل الممكنة.
على الصعيد الدولي، أعاد دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي السابق، التأكيد على خطورة البرنامج النووي الإيراني في مقابلة مع قناة فوكس نيوز. وصف ترامب إيران بأنها تلعب دوراً محورياً في أزمة غزة ومفاوضات الأسرى بين إسرائيل وحماس، مشيراً إلى أن طهران أصبحت أكثر تشدداً في مفاوضات الملف النووي، وأنها تواصل تخصيب اليورانيوم بشكل غير مقبول. وحذر من أن الولايات المتحدة تستعد لاتخاذ إجراءات أشد إذا لم تستجب إيران لمطالب المجتمع الدولي، مشيراً إلى اتصالاته مع رئيس وزراء إسرائيل لتنسيق الجهود ضد التهديد النووي الإيراني.
خلاصة وتوصيات: ضرورة تبني سياسة حاسمة تجاه النظام الإيراني
ترتبط هذه التطورات بشكل وثيق، حيث يظهر النظام الإيراني استمرار جهوده لتطوير أسلحة نووية سرية رغم الضغوط الدولية المتزايدة، مع استمرار سياسة الإنكار والتضليل التي تعتمدها طهران للحفاظ على سرية أنشطتها النووية. في المقابل، تعكس مواقف المسؤولين الإيرانيين والتهديدات الأمريكية تصاعد التوتر وحاجة المجتمع الدولي إلى تبني موقف حازم وفعال.
لطالما أكدت المقاومة الإيرانية أن الحل الوحيد لوقف التهديد النووي والإرهابي للنظام هو إسقاطه عبر مقاومة شعبية منظمة، لكن سياسة المماطلة والمهادنة الدولية منعت تحقيق هذا الهدف، مما منح النظام فرصة لمواصلة أنشطته السرية دون رادع حقيقي.
إن استمرار سياسة المهادنة والتساهل مع النظام الإيراني لم يؤدِ إلا إلى تعميق أزمته النووية وزيادة تهديداته الإقليمية والدولية. لذلك، فإن المجتمع الدولي مدعو اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى اتخاذ خطوات جادة وحاسمة، تشمل تفعيل آلية الزناد، فرض عقوبات شاملة، ودعم المقاومة الإيرانية، لضمان أمن المنطقة والعالم ومنع انتشار الأسلحة النووية.
التعليقات