الثلاثاء الموافق 21 - مارس - 2023م

عندما يبدو الواقع أسوأ إنطلق

عندما يبدو الواقع أسوأ إنطلق

 

كتبت عبير محمود

 

” الحياة جميلة عندما تدفع نفسك للنجاح في تحقيق أهدافك وأحلامك فكلما آمنت بإمكانياتك وكيفية توظيفها صارت الحياة في منتهي السعادة”

كلمات محفوظة كلما مررنا عليها بدت وكأن شيئاً ينقصها، يرسمونها كورقة شجر أزهرت في الربيع ولم يزورها الخريف قط، لكن الواقع يبدو أسوأ، فلا يوجد شخص ناجحاً طوال الوقت بل هناك دائماً بعض العقبات التي نمر بها رغماً عنا، حيث تذهب الكثير من الأشياء إلي مرحلة التعقيد ثم يتفاقم الوضع ليصبح أكثر تعقيداً وضراوة، فتشعر أن العالم كله تكاتف ليسحب البساط من أسفل قدميك حتي تجد نفسك معلقاً في الهواء خائفاً من السقوط علي عنقك فتموت، ثم يتزايد الوضع في التشابك أكثر لتكتشف أنك مكبلاً من يديك وقدميك تحاول التخلص من كل التعقيدات والأربطة لتفاجئ أن هناك ما يلتف حول عنقك بعناية في حين أنك ستكون أول المساهمين في شنق نفسك إذا قمت بإصدار أي حركة جديدة.

هنا يظل أمامك خياران فقط:

الأول أن تتخلي عن المحاولة تماماً وتقرر العيش هكذا بدون أن تُحدث تأثيراً وتظل جامداً بلا حراك في حياة صامتة مكتفياً بمشاهدة نفسك وأنت تموت بمنتهي البطء والجبن.

 

أو تقوم بالخيار الثاني: المغامرة والتحرك مهما كلف الأمر ونسف كل ما يعيق إنطلاقك حتي لو أدي ذلك إلي موتك وأنت تحاول.

 

وبالمناسبة سأستعين لك ياعزيزي برحلة معاناة “أوبرا وينفري” Oprah winfrey ” الإعلامية الأشهر علي مستوي العالم، عاشت أوبرا طفولة في منتهي البؤس والمعاناة حيث وُلدت بين أبوين مراهقين لا يعرفان شيئاً عن المسؤلية وسرعان ما انفصلوا لتبدأ أوبرا رحلتها في الشقاء.

كثيراً ما تعرضت للسخرية في طفولتها من الآخرين نظراً لفقرها الشديد وثيابها البالية المصنوعة من أجولة البطاطس، ثم تعرضت أوبرا للاغتصاب في سن الرابعة عشر ونتج عن ذلك طفل توفي مباشرة بعد ولادته، والأكثر حين علمت أنها وبسبب تلك الحادثة قد حُرمت من نعمة الإنجاب للأبد فسائت حالتها النفسية ودخلت في مرحلة اكتئاب شديدة أدت بها إلي الإدمان وتعاطي المواد المخدرة والهيروين لتتخلص من مشاعرها تلك أو بالأحري من نفسها.

لكن والدتها لم تصمت حين شعرت بعدم السيطرة عليها وأرسلتها إلي والدها رجل الأعمال البسيط لتعيش معه، ومن هنا تغيرت حياة أوبرا وانتقلت من حياة الاستهتار إلي الصرامة التي كان يتعمدها والدها في تربيتها وتعليمها، وبرغم سوء المعيشة تعلمت وانتقلت إلي الجامعة، فحصلت علي بكالريوس الفنون المسرحية، وبإجتهادها استطاعت العمل في محطة إذاعية ثم انتقلت للعمل التليفزيوني كأصغر مذيعة تبلغ التاسعة عشر في تاريخ محطة “Nashville” لكنها عانت من الفشل، فاتجهت لبرامج الطبخ لكن أحداً لم يقتنع بفكرتها فاستائت أكثر وبالرغم من ذلك حاولت مرات عديدة واتجهت إلي التمثيل حيث رُشح فيلها “اللون الإرجواني” من إخراج العبقري ستيفن سبيليرج علي تسع جوائز أوسكار وانهالت عليها العروض بعد ذلك، ثم تغيرت حياة أوبرا جذرياً بعد تقديمها للبرنامج الأقوي والأكثر شهرة عالمياً “Oprah Show” حيث حقق نجاحاً منقطع النظير بأسلوبها المتميز وحضورها اللافت فأصبحت مثلاً إعلامياً استثنائي يُحتذي به وأنشأت أول شركة إنتاج خاصة بها حتي حازت علي لقب أول بليونيرة سوداء في العالم، حصدت جوائز عديدة كما عملت كناقدة أدبية معروفة وصحفية متميزة، فأُختيرت ثاني أكثر الشخصيات تأثيراً في العالم حسب مجلة فوريس ٢٠٠٥.

اليوم تمتلك ” أوبرا وينفري” طائرتها الخاصة وشبكة القنوات الفضائية “OWN” الخاصة بها، ومجلتين ناجحتين، والكثير من الجوائز والنجاحات.

برغم كل ماعانته أوبرا في حياتها إلا أنه لا يمكنني وصف نجاحها سوي بالعديد من وقفات التحية التي تستحقها في كل مرة فشلت فيها ولم تكف عن المحاولة، إنها المثال الحي للطاقة والتاريخ المُبهر رغماً عن كل الهزائم التي عانتها، الشخصية التي أشعلت لنفسها في كل زاوية مظلمة مصباح وكشفت جرحها للضوء كي تصنع منه طريقاً تعبر من خلاله للنجاح ويتعلم منه الجميع .

ضع هذه الكلمات في أذنيك ” تزهر الحياة من قلب المعاناة” فالحياة حرباً عليك خوضها بشجاعة .

 

والآن لك مطلق الحرية في الإختيار بين العيش في هزائمك مستسلماً والموت جباناً، أو العيش محارباً والموت شجاعاً.

في النهاية كل واحد منا يختار الخاتمة التي تليق به.

 

عندما يبدو الواقع أسوأ إنطلق

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 68239446
تصميم وتطوير