د. انسام المعروف
قصيدة ” اسمال الارصفة” والتي نشرت على صفحة الفيسبوك الشخصية للشاعر احمد البياتي تبدأ بقوله:
” تحت تنهدات متأججة
ستائر تختفي بين طيات أحلام فزعة
تغرق في مياه ظلام الظهيرة
تهذي فوق شراشف وجع جاثٍ
تكوّر في غبش فجر متقرفص”
القصيدة “أسمال الأرصفة” للشاعر العراقي أحمد البياتي، هي قصيدة مميزة ومؤثرة تعبر عن حالة الالم المجتمعي النفسية لافراد المجتمع العراقي في ظل الصراعات والحروب والتشريد والفقر. يستخدم الشاعر اللغة الشعرية الجميلة والمتمحورة حول الظلام والأحلام والألم لإيصال رسالته.
يتناول الشاعر فيها حالة الإحباط والتعب والألم التي يعيشها الناس، ويستعير الستائر التي تختفي بين طيات أحلام الفزعة وتغرق في مياه ظلام الظهيرة ليصف الالم المجتمعي، مما يشير إلى الظلام الذي يحيط بالمجتمع. ويستخدم الشاعر بنجاح واتقان في هذا الجزء وهو الأول من القصيدة الصور الشعرية المتمثلة في الستائر والأحلام والمياه والظلام لإيصال مشاعر الإحباط والتعب واليأس.
في الجزء الثاني، يصف الشاعر حالة الضياع والتشتت والتعرض للخطر التي يتعرض لها المجتمع. ويصف تلك الأحلام الضائعة التي تنام على الأكتاف وتشكو أنين عظام المرايا. ويتحدث أيضًا عن حالة الفقر والانكسار التي يعيشها الناس، والأنامل المجهولة التي تتمرغ بالشمس وترقب تماثيل ترتسم فوق الغيم، فيقول البياتي:
“فوق جدران المعابد
تعاويذ أحلام ضائعة تنام على الأكتاف
تشكو أنين عظام المرايا
بين حينٍ وآخر
أسمال الأرصفة تقترب على مضض”
يحتدم الصراع الذي تصوره القصيدة في الجزء الثالث منها فيقول الشاعر:
“أجفان الليل تشيع نعوش الشموع
تتقاسم شطائر إنكسار رماد الوجوه
والأنامل المجهولة تتمرغ بالشمس
ترقب تماثيل ترتسم فوق الغيم
المارّة وحدهم من أستظل تحت المطر”
اما في الجزء الأخير من القصيدة، فيصور الشاعر حالة اليأس والإحباط التي يعيشها المجتمع، ويستخدم الصورة الشعرية لوصف ليل رهين بساق مبتورة، ويصف سماء نافقة بلا ملائكة وأسنانها القاطعة التي تمضغ وديان الروح. ويتحدث الشاعر عن المارة الذين يستظلون تحت المطر، ويستخدم هذه الصورة لتعبر عن الوضع المأساوي الذي يعيشه المجتمع، فيقول:
“ليلٌ رهين بساق مبتورة
ينشر قلقه على بريق متكوّر
سماء نافقة بلا ملائكة
تمرُّ مثل غيمة بين أصابع الأطياف
أسنانها القاطعة تمضغ وديان الروح”
وتعبر هذه القصيدة عن الحالة النفسية للمجتمع العراقي والالم الذي يعيشه في ظل الحروب والتشريد والفقر. وباستخدام الشاعر للصور الشعرية فانه ينجح بإيصال رسالته والتعبير عن الم مبرح للشعب العراقي في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها.
تتميز القصيدة بأسلوبها الشعري الذي يتأرجح بين ما هو واقعي وما هو خيالي، وهذا يضفي عليها جوًا من الغموض والتشويق. وتستخدم القصيدة تكرار بعض الصور الشعرية بشكل متكرر، مما يعزز الإيحاء والتأثير على المشاعر والأحاسيس.
ويمكن أن نلاحظ أن القصيدة تتصف بالترابط الوثيق بين الصور الشعرية، حيث يتم استخدام الصورة الأولى كمقدمة للصورة الثانية وهكذا. وتستخدم القصيدة الرمزية بشكل كبير، مما يجعل منها قصيدة ذات مضامين عميقة ومتعددة.
التعليقات