مقدمة

تتواصل الحرب الباردة بين أجنحة النظام الإيراني، فيما تتصاعد مؤشرات الانقسام والتوتر بين تيارات “الإصلاحيين” و”المحافظين المتشددين”. تتناول الصحف التابعة للنظام اليوم ملفات حساسة تكشف عمق الأزمة السياسية والاقتصادية، ومحاولات كل جناح لفرض روايته على الرأي العام، في ظل قلق عميق من عواقب الانفجار الشعبي أو فشل مشاريع السلطة.

أولًا: صحيفة آرمان ملي – “الصمت الاستراتيجي في جزيرة المتشددين”

في عنوان لافت، تتحدث صحيفة “آرمان ملي” عن “الصمت الاستراتيجي في جزيرة المتشددين”، وهو تلميح إلى أن التيار المتشدد يتجنب الكشف عن مواقفه أو الدخول في معارك إعلامية حادة، بانتظار اتضاح موازين القوى. هذا “الصمت” يوحي بترقب لمرحلة ما بعد التفاوض أو استحقاقات داخلية قد تنذر بصراع مفتوح داخل بيت المرشد.

ثانيًا: صحيفة كيهان – “مذكرة تفاهم حكومية حول السكك الحديدية وتشويه حزب كارغوزاران للحقيقة”

صحيفة “كيهان” – بوق التيار المتشدد – تهاجم بقوة حزب “كارگزاران سازندگي” المحسوب على الإصلاحيين، وتتهمه بتشويه الاتفاقيات الاقتصادية التي تقوم بها الحكومة الحالية. ما تسميه الصحيفة بـ”تشويه الحقائق” يدل على تلاعب بالروايات وتخوين لخصوم سياسيين يُنظر إليهم كمنافسين داخل السلطة على توزيع المنافع ومراكز النفوذ، حتى في ملف البنية التحتية مثل مشاريع السكك الحديدية.

ثالثًا: صحيفة فرهيختكان – “تصريحات إلياس حضرتي، اختلالات الطاقة ومهرجان كوچه: ما العلاقة؟”

تسلط “فرهيختگان” الضوء على تصريحات “إلياس حضرتي”، حيث ربطت بين مشروع إدارة اختلالات الطاقة ومهرجان “كوچه” الثقافي، في إشارة إلى الصراع بين من يسعى لإضفاء بُعد ثقافي اجتماعي على القضايا التقنية، ومن يعتبر ذلك غطاءً لسياسات فاشلة. المقال يبرز الصراع العميق حول سردية “الإصلاح” وحدود تدخل السياسة في الاقتصاد والثقافة.

رابعًا: صحيفة ستاره صبح – “التحول الاستراتيجي لدى التيار المحافظ القيمي”

صحيفة “ستاره صبح” تتحدث عن “التحول الاستراتيجي في التيار الأصولي”، وتلمّح إلى وجود مراجعة أو محاولة للظهور بوجه أقل تشدداً تماشياً مع الضغوط الداخلية والدولية. هذه المقالة تعكس قلق المحافظين من فقدان السيطرة الكاملة، مما يدفعهم إلى مراجعة خطابهم السياسي وربما الدخول في تسويات تكتيكية مع أطراف أخرى.

خاتمة وتحليل شامل

تكشف الصحف اليوم عن تصاعد الحرب الإعلامية داخل النظام بين الأجنحة المتصارعة، حيث يحاول كل طرف كسب الشرعية والهيمنة على مفاصل السلطة. الصمت والتشكيك والتلميحات تشكّل اللغة السائدة، وهو ما يعكس حالة انسداد سياسي عميق. المرشد خامنئي يقف أمام مشهد متشظٍّ، لا يستطيع فيه فرض الحسم دون أن يدفع النظام ثمن التفكك الداخلي أو الانفجار الشعبي القادم.

إن الأزمة الشاملة في نظام ولاية الفقيه تزداد وضوحاً يوماً بعد يوم، والحل يكمن في إنهاء هذا النظام الاستبدادي وإعادة السلطة إلى الشعب الإيراني بكل أطيافه.