الإثنين الموافق 13 - يناير - 2025م

النسر والصياد

النسر والصياد

بقلم/ إبراهيم عارف

 

سألوا النسر الذي كان مسيطراً علي السماء .. ماذا تري علي الارض .. دقق النسر بنظره الثاقب .. و نظر نظرة متعالية .. و قال أري دودة وليدة .. تتحرك فوق غصن شجرة يدفن رأسه في اعماق الارض .. سألوه هل يمكنك ان تلتقط الدودة؟ نظر إليهم باحتقار شديد .. لم يرد عليهم .. انقض من بين غياهب السحاب علي الدودة المسكينة .. لكنه سرعان ما وجد نفسه بين شِباك الصياد .. سألوا النسر .. كيف رأيت الدودة و لم تر شبكة الصياد؟

لقد رأينا كل شئ علي الارض.. في ليبيا .. لكننا لم نرَ أن ما يحدث هو مجرد عملية استدراج للجيش المصري في حرب طويلة علي الارض .. و هي الحرب التي كانت تخطط لها أمريكا لاستدراج الجيش المصري للحرب مع داعش علي الحدود العراقية – السعودية و لكن وفاة الملك الراحل عبدلله أوقفت المشروع..

المهللون للحرب لم يروا الصورة كاملة .. المهللون للحرب لم يشاهدوا الفيديو .. و لم يعرفوا ظروف و ملابسات عملية الاختطاف للمصريين في ليبيا و لم يسألوا عنها .. لم يدققوا في البنية الجسمانية لأولئك الدواعش الذين كانوا يقتادون إخواننا المصريين المغدورين .. و كم كانوا أقزاماً بالنسبة لقاتليهم .. ألم تعرفوا بعد ان هذه البنية الجسمانية ليست لعرب .. و إنما لأجانب .. و تحديداً لقوات المشاة البحرية الامريكية المارينز .. ألم يفهم أولئك الذين يتحدثون عن الحرب ان توقيت الإختطاف كان أثناء زيارة بوتين إلي مصر .. و تم التعتيم علي عملية الإختطاف لحين رحيل الرئيس الروسي .. ألم يفهم البعض حتي الآن ان أمريكا تلعب مع مصر نفس اللعبة المخابراتية التي لعبتها من قبل مع روسيا في كوبا و في فيتنام و افغانستان.. أليسوا يقرأون تاريخ الألاعيب العالمية .. و ان هذا العالم له كبار يلعبون لعبة الآلهة في أفلام السينما الامريكية .. و ان مصر وحدها ليست هدفاً بقدر ما انه إستعراض أمريكي لقوة التنفيذ علي ارض الواقع ..


لقد استقبلت مصر حفتر أكثر من مرة .. كان آخرها أثناء زيارة بوتين لمصر .. و رأت امريكا ان الصراع بينها و بين روسيا هو صراع نفوذ و رحلة للبحث عن اصدقاء و حلفاء فقررت ان تلعب لعبة النفوذ و الإحراج.
لم يفهم الإعلاميون الذين يطالبون بالحرب و الدفع بأبنائنا الي أتون حرب خارجية للإلهاء عن وضع ما في الداخل أنهم نسوا أو تناسوا ان جيوب الارهاب تسيطر علي سيناء .. و أن الوضع في الداخل مازال ملتهبا .. و أن الهدف الاساسي هو تشتيت الجيش المصري و ان كل تجارب الحروب الخارجية في اليمن او الكويت او الجزائر كانت حروباً خسرت مصر فيها الكثير .. كما أن جنودنا لا يمكنهم خوض حرب شوارع .. أو حرب عصابات ..


لقد مات المصريون في ليبيا مثلما مات العشرات في حوادث الطرق و في سيناء و في مالي و في شوارع القاهرة .. منذ اربع سنوات و الدماء تتدفق في الشوارع و علي الاسفلت .. مسلمين و مسيحيين .. نساءً و اطفالاً .. شيوخ و عجائز .. و حوادث مشابهة علي مر التاريخ..

لقد انتهت تلك الحوادث و نسيها صانعوها و نسيتها الاجيال المتلاحقة .. لكنها محفورة في ذاكرة التاريخ ..
لا نريد مغامرات خارجية .. مهما كان الثمن .. يجب ان نري حقيقة ما يحاك من مؤامرات لتفتيت الجيش .. و ما يحاك من مؤامرات اكبر لتحويل مصر الي ساحة للدماء .. أو ساحة لتصفية الحسابات و الحرب لصالح الآخرين ..
فلم يكن النسر حين رأي الدودة يتحدي قدراته و انما كان يستعرض قدراته للآخرين الذين تخلوا عنه و لم يحاولوا تخليصه من الفخ ..

أما الذين قُضوا في ليبيا .. فليتذكر ذويهم انه من لم يمت بالسيف مات بغيره 

 التعليقات

  1. يقول سعيد الهواري:

    كل التحية والتقدير للرؤية الثاقبة لمجريات الأحداث

  2. يقول وائل العمده:

    نظره ثاقبه على ما يحاك بمصر ويبدو أن لدى الكاتب صندوق به كثير من الحقائق والأسرار
    واننا نشعر حين نقرأ تلك الكلمات
    العميقه أما هيكل أو فقى جديد

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 79130627
تصميم وتطوير